غــرائــب نـــواكشــــوط ...جنس رابع يبحث عن موقع له على الخريطة

jinsstalitاستكمالا لإعادة نشر تحقيقاتنا الإجتماعية بناء على رغبة جزء كبير من قرائنا الكرام.. سنعيد نشر هذه الورقة

نواكشوط/(وكالة اطلس انفو)- رجال ونساء، هكذا كان أنواع البشر في الجمهورية الإسلامية الموريتانية قبل أن يفرض المخنثون أنفسهم رقما صعبا في معادلة الأجناس ويؤكدوا-بقوتهم التي اكتسبوها من ضعف السلطة و المجتمع- أنهم واقع لا مناص من الاعتراف به، ليفرضوا أنفسهم كجنس ثالث شاء من شاء و أبى من أبى.

جنس رابع يدخل على الخط لا هم رجال يعشقون النساء ولا نساء يعشقن الرجال ولا هم مخنثون بين هؤلاء وألئك، إنهم دون مبالغة إحدى غرائب الدهر، قابلناهم وتحدثنا مع بعض ضحاياهم لنحملكم في رحلة مع أخبث مخلوقات الله على وجه هذه الأرض، فأهلا بكم في "عالم السحاقيات".

فتيات ونساء ـ أو هكذا يخيل إليك لأول وهلة ـ يلففن الشوارع بسياراتهن الفارهة ، لا بحثا عن طفل ضائع ولا زوج خائن ولا لنزهة بريئة هدفها قتل الملل ولا حبا في الاطلاع على أحوال الناس ولا إستكشافا لعورات بعض صديقاتهن، إنهن نساء يكسرن كل القيود ويتحدين الدين والمجتمع والدولة معلنات بمنتهى الجرأة و الوقاحة أن جنسا رابعا أصله نساء وهو مع ذلك يعشق النساء قد ولد ليعيش بحرية مطلقة بين ظهرانينا، معتمدا في جرأته على تجربة المخنثين.

طلائع الحقيقة

على ناصية شارع "المذاقات" أو"لقمة ساخنة" كما يحلو للبعض تسميته وبينما نحن نتسكع كعادتنا بحثا عن موضوع مثير، استرعى انتباهنا موقف غريب بعض الشيء، فاتنة في سيارة من نوع "راقي جدا" تتوقف للحظات أمام كل سيدة ممن يقفن على حافة الشارع ثم تختفي في زحام السير لتعود أدراجها مرة أخرى، في البداية توقعنا أننا أمام شبكة دعارة منظمة تديرها هذه السيدة، اقتربنا أكثر من إحدى السيدات لعل الزعيمة تعود إليها فنحظى بسماع بعض حديثهن عل ذلك يشبع بعض فضولنا لكنها لم تعد، وكأنها قرأت خواطرنا، اقتربنا أكثر من السيدة فرأينا على ملامح وجهها نوعا من الاستغراب، توددنا إليها وحاولنا استدراجها للحديث عن أي شيء، التفت ضاحكة وقالت " أنتم على الأقل أفضل من تلك المرأة "، سألناها عن أي امرأة تتحدث؟ فأجابت والحيرة لازالت بادية على سحنتها " المرأة التي أوقفت سيارتها بجانبي تبحث عن امرأة مثلها تشاركها الفراش" كانت الجملة الأخيرة بالنسبة لنا صدمة فصمتنا للحظات وسألناها أن تعيد ما ذكرت لعلنا نفيق من الصدمة لنستوعب الموضوع، فأقسمت أن السيدة طلبت منها مرافقتها قائلة لها " أنا أفضل لك من الرجال فلن أؤذيك وسأدفع ضعف ما يدفعه الرجال مقابل "ليلة نسائية نسائية" ولن يشك أحد بأمرك"، لم نمل إلى تصديق السيدة رغم أنه ليس لديها دافع للكذب فتركناها لنستفسر من الأخريات، تفاجأنا عندما أكدن لنا الخبر فقد كنا نتمنى أن يكون مجرد افتراء لا أساس له من الصحة، فيما قالت إحداهن أن السيدة معروفة بهذا النوع من الممارسات الشاذة وأنها شخصية بارزة تقلدت عدة مناصب سامية في العهد السابق.

انتظرنا طويلا لعلها تعود، ولسوء حظنا أو لحسنه لم تعد، في الليلة الموالية وفي نفس التوقيت انتقلنا إلى عين المكان بحثا عن المرأة أو عن خيط قد يقودنا إلى حقيقتها، لم نستغرق طويلا حتى ظهرت غير بعيد من مكان توقفنا، نظرنا إلى شكلها بتمعن فرأينا وجها سبحان الذي خلقه، وقواما رائعا نسجته يد القدر بإبداع، لكن الكمال لله وحده، فاللوحة الفنية عابتها مشية رجل تمشيها الفاتنة فلم تكتمل، زاحمناها عند المطعم واقتربنا منها أكثر، تعمقنا في الملاحظة فلم نجد ما نبني عليه تهمة غير تلك المشية.

قررنا الحديث معها بشكل مباشر، لم تكترث لثنائنا على جمالها وحين ألححنا كان الرد عنيفا جدا، لطمة على الوجه وحمل بعير من الأوصاف النابية، تدخل أحد الحضور ساخرا منا وقال بصوت منخفض "هذه أكثر رجولة منكم"، لم يكن حظنا من القدح بأوفر من حظه، فقد التقطت آذانها ذبذبات الحديث فانبرت إليه مجيبة والشرر يتطاير من عينيها الأنثويتين " دع غيرك يتحدث في هذا أيها المخنث اللئيم، نعم أنا أعشق النساء و.........، فمت غيظا يا عاشق الرجال"، ثم ركبت سيارتها حانقة وانطلقت مسرعة.

في هذه الأثناء ونحن نحصي خسائرنا في معركة كنا الخاسر الأول فيها، وبعد أن فسرنا للجمهور مضطرين أسباب الحادث وخلفياته ـ حفظا لماء الوجه ـ عرضت علينا إحدى السيدات أن نرافقها لتطلعنا على خفايا اللعبة.

الأسرار والخفايا

غادرنا مع السيدة " جميلة " وفي الطريق إلى "قصر المؤتمرات" حدثتنا قائلة " هذه السيدة يعرفها الجميع، وهي بالفعل شاذة جنسيا بحبها لمثيلاتها من النساء ولديها صديقات من نفس الطراز، في البداية كن يكتفين بممارسة الشذوذ مع بعض بائعات الهوى من المدمنات والسكارى مقابل توفير الخمر والمخدرات والمال والحماية لهن، ولأن المخنثين دخلوا بقوة على خارطة الأجناس وتقبلهم المجتمع، فقد بات السحاقيات يبحثن لهن عن موطئ قدم على كفة المتراجحة، مدعومين بطريقة أو بأخرى من طرف بعض المنظمات والجمعيات التنصيرية و الماسونية التي يديرها بعض الكبراء من أبناء هذا البلد، وأصبحن يظهرن في العلن ويغازلن البنات على قارعة الطريق محطمات بذلك حاجز الخوف من ردة فعل المجتمع في ظل غياب الدولة عن القضايا الاجتماعية الخطيرة".

وصلنا إلى القطعة الأرضية المقابلة للحائط الخلفي لقصر المؤتمرات، كان المشهد مماثلا لما يحدث على الشوارع الأخرى من سكر وعربدة ومجون وخلاعة، الفرق الوحيد والذي "استنكره" جل رواد القطعة الأرضية هو وجود السحاقيات مع عشيقاتهن في زاوية أخرى من الملجأ.

في ركن منزوي من " الوكر الكبير" تجلس فتاتان بجانبهن بقايا طعام وقناني مشروبات، تقيم إحداهن طقوس الشاي فيما تتوسدها الأخرى وهي تتحسس بعض أعضاء جسدها تارة وتقبلها تارة أخرى، كان المشهد مقززا جدا فقرر أحد رواد المكان التدخل "حرصا على آداب الموقع"، حصلت مشادة صغيرة فلملمت الفتاتان أشياءهما وانسحبتا خوفا من "الفضيحة"، اجتمع الرواد ونحن من بينهم على خلفية الحادث وقرروا بالإجماع ـ على عكس الساسة ـ مضايقة هذا الصنف من البشر حتى لا يتحول الموقع من مكان للتجمع "الشريف" إلى ملجأ للطفرات الجنسية.

جل الذين التقيناهم على ها مش الموضوع أكدوا لنا أن كل الدراسات التي قام بها علماء اجتماع مسلمين أثبتت أن الحل الأمثل للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة يتمثل في تطبيق حدود الشريعة الإسلامية التي تعتبر رادعا ومخلصا حقيقيا من تبعات الشذوذ السيئة التي تتفشى بسرعة فائقة لتقضي على المجتمعات التي تصيبها

خاتمة

بعد أن أطاحت لجنة التصحيح بلجنة الإنقاذ استبشر المخنثون خيرا، فرسموا إستراتيجية ساروا وفقها حتى وصلوا في نهاية المطاف إلى الاستقلال الذاتي عن جنسهم الأصلي، وبعد أن خلع العسكر بزة التصحيح ليلبسوا ثوب الديمقراطية كان المخنثون قد نضجوا فكريا فاخترقوا بيوت صناع القرار من ركنها النافذ ونظّروا بطريقة تقنية لطرحهم الجنسي، وبما أن سيطرة الجنس اللطيف على الإدارة كانت ولا تزال هي النهج السائد في الظرفية السياسية المعقدة فقد استحدثوا لزميلاتهم "زملائهم الجدد" مراكز قوة تمكنوا من خلالها لاحقا من السيطرة على مجريات الأمور في الدوائر العامة للدولة، بهذا ختم هؤلاء آخر وقفة في خطة فرض الذات "رسميا".

ظهرت على الأفق أولى بوادر ما قد يعرف تخمينيا ب"خطة الجنس الرابع"، والتي تتجلى ملامحها في أول ظهور علني للسحاقيات على الشوارع وفي الأماكن العامة.

بادو ولد محمد فال

أربعاء, 30/10/2013 - 14:11