مساءلة وزيرة الزراعة حول سد بغداده سيئ الصيت...........

يتبادر إلى الكثير من المواطنين أن المساءلة في البرلمان ليست من صلاحيات أحزاب الموالاة، وهذا فهم خاطئ فالأحزاب المحترمة تمنح نوابها الحق في التقدم بالمساءلة بل وتحثهم على الاهتمام بشؤون المواطنين وتطلعاتهم وإسماع أصواتهم بكل مسؤولية وموضوعية، بل إن أحزاب الأغلبية التي تتبني هذا الطرح تكتسب ثقة أكبر لدى الناخبين، واعتماد هذا النهج يدعم توجهات الحكومة ويعكس مصداقية عملها الأمر الذي يعزز ثقة ودعم الشعب لكل  المشاريع التنموية.

من هذا المنطلق جاءت مساءلة النائب اللولة بنت زاروق لوزيرة الزراعة حول سد بغداده سيئ الصيت، فعكست مدى التزام الحزب بتطلعات المواطنين واهتماماتهم، والوفاء للدوائر الانتخابية، فدور النائب هو سعيه الدائم في التواصل مع منتخبيه خدمة للوطن والمواطن.

فاللولة بنت زاروق نائب عن حزب الإتحاد من أجل الجمهورية، معروفة بمبادراتها الهادفة إلى دعم توجهات فخامة رئيس الجمهورية، ويعود انخراطها في العمل السياسي إلى بداية 2009 نظمت عدة مبادرات في  العديد من ولايات نواكشوط، وشاركت كعضو في حملات التحسيس لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، وتحظى بثقة العديد من المواطنين، لأخلاقها النبيلة و جاهزيتها لخدمة المواطنين، فتجربتها كمديرة مساعدة للتوجيه في  إدارة التعليم العالي،  وتواصلها مع الجميع بكل مسؤولية وتواضع واحترام مكنها من نيل الثقة بين أوساط شبابية ونخب سياسية في كل ولايات الوطن، وليست المساءلة إلا استمرارا لنهج النائب في الانحياز لمصلحة المواطنين والدفاع عنهم، قناعة منها بأن ذلك إسهام في دعم توجهات القيادة العليا للبلد الرامية إلى المصارحة والشفافية، سبيلا لتحقيق التنمية.

تقدمت النائب اللولة بنت زاروق بهذا السؤال، فتركزت مداخلتها على تثمين إنجازات الحكومة، وتدخلات رئيس الجمهورية في القضايا التنموية الكبرى، كتدخله لتغيير مسار طريق أطار تجكجة، الذي كانت دراسته الأولى تقتضي مرور الطريق بمنطقة تبعد على عشرات الكلمترات، في انحراف غير مبرر، وكانت النتيجة المتوقعة أن يهاجر سكان الرشيد إلى مناطق يمر بها الرصيف، غير أن تدخل رئيس الجمهورية مكن من إنقاذ سكان الوادي من مخاطر الدراسات التي تعد في أروقة مظلمة، كما تطرقت للعديد من الإنجازات الهامة فذكرت التطور الحاصل في مجال دمج النساء في كل مجالات التنمية الاقتصادية والسياسية والإدارية، بعد هذا التقديم باشرت النائب وصف الموقع الجغرافي للسد حيث بينت أنه يقع في أعالى واد لكصور بولاية تكانت بمنطقة تسمى أحنيكات بغداده على بعد عشرة كلمترات في الجنوب الشرقي لمدينة تجكجة، كما بينت  أهمية الوادي الذي سيتضرر من هذا السد متحدثة عن أرش الموج  بتجكجة ولحويطات والرشيد ولكطيطيرة ورأس الطارف وآكنان وتاوجافت ومنطقة الخط التي توجد في الحدود بين ولاية تكانت وولاية آدرار، وهي المنطقة التي تتجمع فيها مياه هذا المصب  لتشكل قبلة المزارعين والمنمين في المنطقة، كما بينت الغموض الذي أحاط بالإعداد لمشروع هذا السد بل إنها بينت أنه في حال ما إذا كان لابد من إنجازه فالأولى ان يقام في منطقة الخط التي ينتهي فيها مجرى هذا المصب، كما بينت أن السكان لم يتم إبلاغهم بعزم الحكومة إقامة السد، ولم يتم إشراك رابطات الواحات لتقديم الرأي، كما بينت على سبيل المثال مخاطر هذا السد، التي ذكرت أن من بينها إتلاف آلاف من النخيل وتفقير للسكان بسبب تجفيف مصادر عيشهم من الزراعة والرعي، فضلا عن إجبارهم على الهجرة بسبب ندرة المياه وملوحتها التي  تنجم عن توقف مرور سيل إزيف ذي الصلة بمصب بغداده، كما بينت مدى ارتباط الأهالي بواحاتهم وأرضهم، خاصة أنه ارتباط  يمثل احد العوامل الاجتماعية والنفسية التي توجه سلوك الأفراد في المنطقة.

لم يفت النائب التطرق إلى أهمية مدينة الرشيد والتجمعات السكنية الوجودة على امتداد الوادي، فذكرت الخصوصية التاريخية للمدينة وتضحيات الأهالي في مواجهة المستعمر ومكابدة الظروف المناخية، بل إنها طالبت بوضع المزيد من الخطط التنموية الرامية إلى رد الاعتبار لرمزية المقاومة في سياق تنفيذ توجيهات فخامة رئيس الجمهورية، فذلك أولى من مباشرة تنفيذ مشاريع تضر بتنمية المنطقة.

ولقي السؤال مساندة من عشرات االنواب في الموالاة والمعارضة، عبرت كلها عن مساندتها لمطالب السكان المتمثلة في إيقاف إقامة هذا السد، بل إن بعض النواب طالب بتوجيه تمويله إلى مناطق بحاجة أكثر إلى السدود، ولا يسجل بها اعتراض، فمن الأولى تجنب مناطق الاختلاف.

ردت وزيرة الزراعة لمينة بنت القطب ولد أمم بالقول بأن الحكومة ماضية في تنفيذ مشاريعها التنموية، وأن جميع الإجراءات التي قيم بها تصب في مصلحة المواطنين، وذهبت إلى القول بأن الحكومة عاكفة على سلسلةً من الدراسات الفنية التي خلصت إلى تحديد خطة عمل تشمل إنجاز خمسة سدود كبيرة على مستوى الأحواض الساكبة الرئيسية وهي سكليل واتويدركلت وإليج و وادان في ولاية آدرار و واد لكصور في ولاية تكانت، منبهة إلى أن دراسات سد سكليل قد اكتملت وبدأت الأشغال فيه، في حين تتواصل الدراسات المتعلقة بالسدود الأخرى، ولما يحن وقت نقاش موضوع سد بغداده حسب قول الوزيرة، وقالت بأن أهمية السد تتمثل في كونه سيضمن تجميع المياه ليتم استغلالها كتخفيف وطأة نقص المياه في تجكجة، كما أنه سيتم تركيب أنابيب لتزويد منطقة لحويطات المحاذية لتجكجة في حال ما إذا  لوحظ أن هناك تأثر سلبي بهذا السد، كما قالت الوزيرة بأن السكان على علم بكل حيثيات الموضوع وتتم استشارتهم عند الاقتضاء.

لكن النائب اللولة بنت زاروق  في ردها على عرض الوزيرة بينت أن السد لم يعد في مراحله الأولى إذ يعود تاريخ بداية الدراسات فيه إلى 01/08/2015، وأحالت الناب إلى  خبر للوكالة الموريتانية للأنباء تحدث عن معاينة وزير الزراعة  للمنطقة في إطار مواكبة الدراسات الأولية لإقامة السد المذكور.

كما بينت النائب بأنه بدلا التفكير في معالجة المخاطر في المستقبل من الأولى تفاديها، مذكرة الوزيرة باستحالة توزيع المياه عبر أنابيب على امتداد مئات الكلمترات، كما ردت اللولة على الوزيرة بخصوص إشراك المواطنين، عندما قدمت لها رسالة مشفعة بتوقيعات مئات الأشخاص من لحويطات  المناهضين لإقامة هذا السد، فضلا عن تحركات الشباب والأهالي في نواكشوط والرشيد، وما واكب ذلك من نقاش على الوسائط الإجتماعية والمواقع الإلكترونية.

وكانت النائب اللولة بنت زاروق في خضم مداخلتها أمام البرلمان قد ناشدت رئيس الجمهورية التدخل للحيلولة دون إقامة هذا السد، الأمر الذي استدعى  من الوزيرة القول بأن رئيس الجمهورية غير معني بهذه الأمور التي لما تصل مرحلة تقتضي إشعاره بها، وهي بذلك تقلل من قيمة الموضوع، لكن تعليقها على مناشدة النائب للرئيس ليس سوى افتعال امتلاك الجواب مع استحالة دعمه بحجج فنية  مقنعة.

وختمت الوزيرة ردودها بالقول بأنها غير ملزمة بالرد على الشرحات التي تقدمت بها النائب،وعللت  ذلك بالقول بأن الموضوع لازال  مراحله الأولى رغم أنها ذكرت في مستهل خطابها مسوغات إقامته وأهميته وحاولت تبرير إقامته، الأمر الذي اعتبره المتابعون لهذه القضية بمثابة حجة تعكس نقصا في المعلومات الفنية وتناقضا في الرد لأنها قالت في مستهل كلامها بوجوده وإصرار الحكومة على تنفيذه.

لقيت المساءلة ترحيبا وإشادة من لدن جمهور غفير من المهتمين بالتنمية والأداء السياسي البرلماني، فعكست ارتباط النائب بقواعده الشعبية، كما بينت تماسك حزب الإتحاد من أجل الجمهورية وتنوع اهتمامات نوابه ونشاطاتهم الهادفة إلى مؤازرة المواطنين ونقاش قضاياهم التنموية.

اثنين, 05/06/2017 - 17:02