محمد سالم ولد الدحَّانْ الأب والإنسان / (صور -وثائق)

كتب الفقير إلى رحمة ربه محمد سالم ولد إديدبي بتاريخ فاتح يونيو 2021م مستذكرا والده المرحوم بإذن الله محمد سالم ولد الدحَّانْ:

 

 بسم الله والصلاة والسلام على خير الأنام،

 

ما ذا عساي أن أقول وقد توفي لي أبوان ... كانا فيما بينهما صديقين حميمين كريمين ... صعدت الروح الطاهرة لكل واحد منهما في نفس اليوم ... يوم الأحد ... وفي نفس الشهر ... شهر شعبان ... وفي حيز زمني لا يتعدى سنة واحدة ... دفن الفقيدان في نفس المقبرة في لكصر ... في مسافة متقاربة لا تتعدى بضعة أمتار !!!

فبحسابنا قد تكون تلك مصادفات... لكنها مصادفات حافلة بالدلالة، عميقة المعاني... لا يمكن تجاهلها... فالله لم يخلق شيئا عبثا...

 

توفي الحبر العلامة محمدن ولد إديدبي رحمه الله يوم الأحد 18 شعبان 1441 للهجرة/12 إبريل 2020 للميلاد ... وتوفي الوجيه الجواد محمد سالم ولد الدحَّانْ رحمه الله يوم الأحد 21 شعبان 1442 للهجرة/ 4 إبريل2021 للميلاد.

 

نسبه: هو محمد سالم ولد محمد محمود ولد عبد الرحمن (الدحَّانْ) ولد عبد الودود ولد محمد ولد عبد الودود الأكبر ولد الحاج المختار الإديشفي الجكني.

ولد الفقيد في حدود 1364هـ/1943م وتوفي بعد صلاة الظهر من يوم الأحد 21 شعبان 1442 للهجرة الموافق 4 إبريل2021 للميلاد، ودفن بجوار والده محمد محمود ووالدته أمروم بنت سيد أحمد رحمهما الله في مقبرة لكصر بنواكشوط.

ترك الفقيد خلفا صالحا وبدورا كراما بررة، ذكورا وإناثا، يكاد الواحد منهم ينسيك في الآخر في دماثة الخلق والطيبوبة والإستقامة وحب الخير للناس، وأشهد شخصيا على تفانيهم في خدمة والدهم وبروره والرحمة به خصوصا حينما أضعفه المرض. وليس ذلك بغريب على ما نالوه من تربية رفيعة في كنفه وكنف والدتهم الكريمة العابدة البشوشة أغلانة بنت عالي ولد الحاج المختار حفظها الله ورعاها.

 

كان محمد سالم رحمه الله أحد رجالات أهل الحاج البارزين، وقد أصبح منذ نعومة أظافره من كبار رجال الاعمال ووجهاء البلد، كانت داره لا تخلو من الولائم ولا من كبار الزوار من وزراء وموظفين سامين ومن رجال أعمال مرموقين، وكان في الوقت ذاته متواضعا سمحا كثير التقرب من العلماء والصلحاء كثير العطايا لهم وكثير الرحمة بالضعفاء كثير الصدقات عليهم.

 

وانطلاقا من حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم: "اذكروا محاسن موتاكم"، سنحاول ذلك ولكن حصر محاسن وصفاة الفقيد الحميدة قد يفوق ما علمنا منه، فما أكثر ما جاء على ألسنة من أتوا معزين في وفاته مما لم يكن لنا ولا لأهله معرفة به، لكثرة ما يهب ويتصدق به سرّا.

دأب رحمه الله طيلة حياته المباركة على فعل الخير وكان مثالا حيا للتدين والإستقامة والأريحية والتواضع وربى أبناءه على تلك القيم النبيلة.

كان من الرُكّع السجود، كان قواما لليل في بيته وكان من جماعة المسجد وأهل الصف الأول فيه، يرتاد المسجد قبل الصلاة بكثير ولا يغادره إلا بعدها بكثير.

كان صواما صوم الفرض وصوم التطوع قبل أن يمنعه المرض.

كان سمحا، حلو الطبع، رضياً بقضاء الله وقدره، دالا على الخير، يتعامل مع الاحداث ببصيرة، وحسّ انساني.

كانت مواقفه تتسم بالحكمة والرزانة ورحمة الضعيف والتغافل عمّن ظلمه ولو كان قويا.

لم تكن الدنيا التي أعطاه الله منها النصيب الوافر أكبر همه ولم تكن تؤثر على طبعه،

كان زاهدا في الدنيا، شيق الحديث، لا يُمل من سماع كلامه، عزيز النفس، مترفعا عن الصغائر، ساعيا في خدمة الناس، بلا رياء ولا خُيلاء ولا ملل ولا مِنة.

كان إنفاقه في الخير بلا حدود ولا تمظهر، حيث كان يقتطع راتبا شهريا مستمرا لأقاربه المعوزين وللقيّمين على المساجد وغيرهم من المحتاجين.  

نذكر من آخر أعماله الخيرة إقامة مسجد في (سوق أفاركو) التي يمتلكها في قلب العاصمة انواكشوط حيث قام بهدم عدة حوانيت منه وجعل أرضها تحت تصرف المصلين، كما ساهم في إقامة ذلك المسجد وكان يحرص على تزويد المصلّين فيه بشتى مواد الإفطار في شهر الصيام.

 

لقد لخّص خلق الفقيد ما تربى عليه في بيت عز وعلم وصلاح وسخاء، في كنف أسرة كريمة عن أب وأم وأجداد يعرفهم الموريتانيون كافة ويُجلّونهم...

 

فأبوه محمد محمود ولد الدحَّانْ (توفي 1381 للهجرة/1961 للميلاد)، امتاز بالعلوم والديانة، وهو مدفون في لكصر بنواكشوط.

 

وجده عبد الرحمن (الملقب الدحَّانْ) ولد عبد الودود ولد محمد ولد عبد الودود ولد الحاج المختار بقول فيه والدنا محمدن رحمه الله في كتابه (المنهاج):

"كان الدحَّانْ قاضيا مرموقا وصاحب قوة وجهارة تعبير في الفتاوي ولا يفتي غيره بحضوره. وقد كان الدحَّانْ برفقة أحمد محمود ولد زين ولد سيد أحمد ولد الداده ومحمد فاضل ولد عبد القادر ولد الخرشي يشكلون الجماعة التي مثلت العشيرة في (غَزي لركابْ) الذي ضم جُل القبائل الموريتانية المقاومة للإستعمار وتواجد في السمارة بقيادة العالم المجاهد الشيخ ماء العينين في فبراير 1906 لطلب المساعدة من ملك المغرب السلطان عبد العزيز بن الحسن الأول العلوي.

يقول العلامة ولد حامدن في الدحَّانْ:" تولى القضاء فترة حكم أحمد ولد سيد أحمد ولد عيده وكان مشهورا بالعلوم والعدالة وخلفه ابنه محمد محمود ولد الدحَّانْ الذي امتاز بالعلوم والديانة ".

له من العقب محمد محمود (ت 1381هـ/1961م) و4 بنات هن بكّه والمامية وصفية وميمونة".

ووالد جده هو فريد عصره عبد الودود ولد محمد الذي يقول فيه العلامة ومؤرخ موريتانيا الأول المختار ولد حامدن الديماني:" وأما عبد الودود بن محمد بن عبد الودود فقد كان بحرا زاخرا في العلوم منقطع النظير في قول الحق والعمل به، كانت تجتمع عنده مائة حوش مغمورة من الطلبة يشرف على تعليمها وإن كان أعد لها متخصصين في سائر العلوم من إخوته وغيرهم، ويكفي من جلادته في الحكم بالعدل حكايته مع أمير بلاده أحمد بن امحمد بن عثمان (ت 1306هـ/1889 م) وكان ذا شوكة وبأس كثير المزايا عليه وعلى بني أبيه وهي انه امتحنه ذات يوم بأن جاءه يخاصم أحد سوقته في نخيل ، وأتى بكثيرمن الزور، فلما توجه الحكم على الأمير أظهر الحمية والأنفة وأوعده إن حكم عليه ليفعلن به وليفعلن، فأخذت غيرة الحق صاحب الترجمة وقال لتلامذته كونوا بيني مع عدو الله ونبيه حتى أحكم عليه بما قال الله رسوله، فعندئذ  استسمحه الأمير المذكور وذكر له الحقيقة وترضاه بأموال طائلة، وبادرت الشعراء تتنافس الموضوع فقد كان فضلا عن علومه ومكانته شاعرا مفلقا ".

كما يقول فيه: "ويحكى أن مقدم الشيخ ماء العينين إلى الساحل أنكر عليه علماؤه، فكان عبد الودود ولد محمد ولد عبد الودود المعترف بفضله ومدحه.

فلما سمع العلماء وغيرهم القصيدة أذعنوا بالحق واتبعوا الشيخ ماء العينين في طريقته فكانت القصيدة السبب الرئيسي فيما فتح الله من الخزائن في هذه الناحية.

ولو تتبعنا ما قيل في هذا الحبر ( عبد الودودولدمحمد) لاحتجنا إلى أسفار (أي كُتبا)، فحسبنا أن نقول إن مراثيه بلغت المائة، أما مدائحه فلم يقف لها على حد. وورث هذا القطب بنوه الأقمار وكانوا من الفضل والعلم بمثابة لا توصف" انتهي كلام ولد حامدن.

ومن قصيدة عبد الودود ولد محمد في الشيخ ماء العينين:

للشيخ ما العينينَ نُجْبكَ يَمِّم
هو الجوادُ لمعتفيه مؤمِّلا
مَن حج بيتَ الله بعد تضلُّع
بحرَ المعارف والعوارِف والنّدا
هو الخليفةُ للمشايخ في الوَرى
دلّتْ بنُوه على الحقيقة بعده
حلُّوا مِن الشرف الأثير مَنابرا
قل للمحاولِ شأوَهُم ونِضالهم
واعلمْ بأنّك لا مَحالة مُبتلى
للهِ مسجدُك الوضيءُ لحاجِنا
ثم الصلاةُ على النبيّ وآله
 

تذهبْ همومُ فؤادِك المُتهمّمِ
جزْلَ العطاءِ ونيْلِ ما لم يُعْلَم
مِن شِرعة وحقيقة وتفهُّم
هو الدليلُ على الطريق الأقوم
والشيخِ والدهِ الأجلِّ الأعظم
نِعم البنونَ همُ بغير تلعثم
مَن يعلُها لا يُستطاعُ بسُلّم 
تعْسا وخِزيا إنْ تُسلّم تَسْلم
ولسوء خاتمة تبوؤُ وتنتمي
عَفِّرْهُ ما العينينَ مَوْهنَ مُظلِم
ولصَحبه تتْرى دَبيبَ الأنجُم
 

 

وللتذكير فإحدى زوجات العلامة الولي المجاهد الشيخ ماء العينين هي العالمة الصالحة هندو بنت عبد الله ولد أحمدو ولد محمد سالم المجلسي وهندو أمّها فطمة بنت إديدبي.

وهندو هي أمّ الولي المجاهد أمربيه ربُّ والشيخ محمد الغيث والولية الصالحة العالمة المحسنة الشيخة يُحانذُ (وهو إسم أم النبي موسى عليه السلام) الملقبة حانّة.

 

 

 

ونورد فيما يلي بعض ما قيل في مدح جده حجة الإسلام عبد الودود ولد محمد:

 

 قصيدة الشيخ محمد فاضل ولد محمد ولد اعبيدي ولد الشيخ محمد فاضل (1221ـ1312هـ/1806ـ1894م) (أهل الجريْف) في مدحه ومدح أبنائه:

ومنها:

سَما المجدُ من عبدِ الودودِ سَماءَهُ
توارثهُ ألأسباط والإرثُ عاصِبٌ
فقرّبْ مَطايا العِيس بَعد زِمامها
فمحمودُهم حمْدٌ وسالمُهم رضىً
وبالسنّة الغرّاءِ تكريمُ بعضِنا
 

سلامٌ على المجد الأثيلِ المؤثل
 توارُث أسباطِ السّماءِ المُنزَّل
ويَمّم بني عبد الودودِ لتَعتلي
وبالجيْلِ إجلاءُ المكاره تنجلِ
إذا ما قفوْنا أسوَة  في  المُنزَّل
 

 والجيْلي تصغير للجيلاني ولد عبد الودود.

 

وقصيدة محمدو ولد احظانا الإدوگشلّي الحسني (1213-1329هـ/1798-1911م)، مودّعا محظرة عبد الودود ولد محمد: 

وقد درس محمدو ولد احظانا أولا في محظرة عبد الودود ولدمحمد ثم في محظرة ابنه وخليفته عبد الودود:

تجلدتُ والتوديعُ ليس له صبرُ
لئنْ كان حُسن الصبر أجملَ بالفتى
فما لي على ما نابني من جَلادة
سلامٌ على أهلِ المدارس ما تلوْا
وما ردّدوا بعدَ العِشاء لسامرٍ
وما شرِبوا عند (العراقيبِ) رِسْلَهُم
إذا ما تسامرْنا تَرى كل يَلْمَع
فيا حبّذا منهمْ بليدٌ وماهرٌ
مِن الجدّ والتِكرار والسّهر والطّوى
وضيفُ همومٍ بالزَماع قريتُهُ
على متن علياءٍ أمونٍ تربّعتْ
لدى حيّ آلِ الحاج زالَ كِلالُها
فحاجي بأهل الحاج  يا ربّ يسّرنْ
ولا زال من فضل المُهيمن كلّما
فعبدُ الودودِ الحاجِ حجّا  معاً تَلا
ولي خِلة عبد الودودِ سِدادُها
فشيئان لا يبغي المريدُ سواهما
لكلّ غريبٍ جلْدتان وما ثَوى
يَرُدّ العويص الصّعب سهلا كلامهُ
ونجلِ ابن عثمان الجريء إذا قضى
فإن ينْأ أستاذي فكالبدر نورُه
جزى ربُّنا عبد الودودِ ورهْطه ُ
رآنيَ زيْديا وقِدْما أتيته ُ
فمنه انجلى بعضَ الذي كنتُ أشتكي
فلا ضمّني وادٌ سوى ما يحُله
فما عَن قِلىً سرْنا ولا عَن سآمة
 

وصهباءُ بَرْحِ البينِ عتّقَها صِبْرُ
على فُرقة الأحباب لا يَجمُل الصّبر
ومن لم يهُجهُ البينُ ليس له حَجْر
كتابَ خليلٍ قبلما طلعَ الفجر
حديثا لهُ أنسٌ فُكاهتهُ خمْر    
وما مسّ للأقداح مِن جذبهم كسْر
يميلُ لما يُملي السَميْذع والحِبر
ويا حبذا النّادي وأوجُهُهُ الغبرُ
ترى القوم صرعى حبذا الشُعُثُ الكُدْرُ
واعتسِفُ الهولَ الذي هابَه السَّفْر
أجارعَ بالأجواد أنعمَها القطْر
ولا غروَ أن ينزاحَ عن شطرهِمْ ضُرّ
ومِن يُمنهم يحيا لنا اليُمنُ واليُسر
قضى نحبهُ بحْر بَدا منهُمُ بحْر
ومِن بعدمَا حجّا مُحمدُنا البحر
من البدر مبذولٌ لنا السِرّ والجهْر
أنالَهُماهُ شيخُنا: العِلْم والدُرّ
من الأمّ أحْنى حينما نابهُ أمر
رقيقُ الحواشي لا هراءٌ ولا نُزْر
يُوازَي معَ (التيزِگِ) لا ميْلٌ ولا جوْر
ويشمل من يَدنو ومن يشحَطُ البدر
من اليُمن خيرا زادَ ما اتّصل الدهر
وعذبٌ لساني قبلهُ حَنظل مُرّ
وأنعشني ربّي له الحمدُ والشكر
وليس لنا زيدٌ سواهُ ولا عَمْرو
ولكنْ لنا أمٌّ بها وضَحَ العُذر
 

 

ومرثية حسانية لمحمد عبد الرحمن ولد المبارك ولد يمينْ الشريف القناني (ت1347هـ/1928 م) لعبد الودود ولد محمد:

مَعْلومْ ء ظَّاهْرَ ءُمَعْلومْ اسْرِيرَ
وَخيرْتْ لَكْبيرَء وَخيرْتْ اسْغِيرَ
فَسْلامْتْ المَوْلَ لَلّيلْ يَتْعَلْبَ
ما خَصْرْ الصَّحْبَ ءُ لا گيْمْ الَّجْبَ
يَعْطِ بْلا طَلْبَ ءلَّعْزوزْ ولْعَزْبَ
وامْـﯕوْمْ الغَرْبَ ء لَمْسيدْ والصَّرْبَ
مَنْ ﯕورْ كَمْبَمْبَ  ءلَ دارْ وَلْ صَمْبَ
ءُمَنْ فَمْ نَدَّرْبَ ألَّكْراعْ والرَّكْبَ
وإزيدْ لَمْحَبَّ ابْذاكْ گاعْ ءرْبَ
مـَﯕطوعْتْ الكَتْــبَ وامْحَيْرْ الطَّلْبَ
إجيبْهَ ابْرَغْبَ مَگابْظُ لَغْبَ
أفمْنَيْنْ فَجَّدْبَ ذِ النَّاسْ تَدَّرْبَ
ءُتُرَوْكْلْ أجَّنْبَ واغانْ و العَلْبَ
لَضْعيفْ يَسْتَرْبَ ءِعودْ لُ فْحَدْبَ
وءعُودْ ما يَغْبَ واشْوايْلُ لَعْبَ
ءُمَنْ ﯕلْتْ الشَّعْبَ  گدْ هَاكْ يَسْتَرْبَ
فَاْصْدِيـگ و الغَرْبَ ما غَمْسْ الحَرْبَ
 

الكيْسْ الريْسْ منْ أيَّامْ لَحْوالَ
امْشَ مُوَدَّعْ لَرَّبْ تَعالَ
اعْلَ امحارَدْ الطَّلْبَ
واحْرامْ  مُحالَ امْعَ  حَدْ يَشَّالَ
لَلِّ بْلا نسْبَ و لمسِيدْ و النْثالَ
وامَّوْجْرْ الزَّرْبَ  مَنْ كَلْ جَفَّالَ
لْتَفَادْرَتْ لَبَّ  لَكْرَبْ بو غْلالَ
ما فيهْ ولْ طَلْبَ  مَعادْ لُ انْعالَ
أُ شَ نْـگولْكْ أمَــلِّ لَ جاتْ لَمْسـالَ
وامْكَدْرْ ﯕبــالْ  أُلَ شَوْرْهَ حالَ
ءُ شَ نْگولْكْ أمَــلِّ فَخْبارْ تَوالَ
ءُتَتْحاﯕْرْ الصَّحْبَ ءُتَتْمَيْحْلَ الحالَ
وتُمَوْرْ الگرْبَ و تُخورْدْ الرْسالَ
اَّعْطالُ امْ رَگبَ الِّ اعْليه انْـوالَ
و اعودْ لك نَهْبَ و اگولَّكْ اتْعالَ
فَمْنَيْنْ لْتَجْبَ فَجْمِيْعْت امْسالَ
يَسْتاهْلْ الصَبَّ واطْلَعْ أطْوالَ
 

                                مَعْلومْ أظَّاهْرَ ءُ مَعْلومْ اسْرِيرَ   

 

لقد كان محمد سالم رحمه الله نديّ الكف أبواب داره مُشرعة لمن يبحث عن عون ونصيحة ونجدة من شدائد الحياة وإكراهاتها،

كان نِعم الوالد ونِعم الأخ ونِعم العمّ ونِعم الخال ونِعم الصهر ونِعم القريب ونِعم الصديق ونِعم الجار ونِعم السند للمحتاج.

لم تكن الإبتسامة تفارق محياه وحتى وهو على سرير الموت في المستشفى وأنا الذي فزت بإغماض عينيه وستر وجهه ... كان كمن ينام مطمَإنّ النفس تغشاه السكينة ويشع منه النور... كأنه ورد فيه قول العزيز الكريم: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي" صدق الله العظيم.

 

كما كان الإنسان المثابر الذي وفقه الله في تقلد أعلى المستويات في مجال التجارة والأعمال.

بدأ نشاطه في مجال التجارة والأعمال في سن مبكرة حيث حصل على السجل التجاري سنة 1969م ثم حصل بعد ذلك على رخصة الإستيراد التي لا تمنح إلا لكبار الموردين ومموني السوق الموريتانية.

تخصص الفقيد في مجال المواد والتجهيزات المكتبية. وهكذا أصبح الممثل الحصري في موريتانيا للشركة الألمانية المعروفة روترينغ Rotring المتخصصة في المواد والمنتوجات المكتبية في شهر دجمبر 1978، والممثل الحصري لشركة أوفيتالOffital  الإيطالية المتخصصة في التجهيزات المكتبية في أكتوبر 1985 بعدما اشترى من هذه الشركة الإيطالية مستلزمات تجهيز قصر العدالة في انواكشوط بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية بعد فوزه بتلك المناقصة سنة 1984.

كان نشطا في الثمانينات في استيراد كميات كبيرة من البضائع من الصين الشعبية، كما حصل على شهادة حسن أداء ومهنية من السفارة الأمريكية في انواكشوط سنة 1991.

كما كان من أبرز الفاعلين في اتحادية المنمين الموريتانيين نظرا لخبرته الطويلة في مجال التنمية الحيوانية وما كان يمتلك من النعم.

إننا لمحزونون على فراقك أيها الأب الحنون والصديق المتواضع ولا نقول إلا ما يرضي الله: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ... "إن لله ما أخذ ولله ما أعطى" ...

 

اللهم اغفر لمحمد سالم ولد الدحَّانْ وارحمه وعافه واعف عنه

وأكرم نزله ووسع مُدخله واغسله بالماء والثلج والبرد

ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس

اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار

اللهم يمّن كتابه وهون حسابه وطيب ثراه وأكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه

اللهم ابدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وادخله الجنة واعذه من عذاب

القبر ومن عذاب النار.

اللهم ادخله الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب

اللهم اّنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته

اللهم انزله منزلاً مباركا وانت خير المنزلين

اللهم انزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

آمين يا رب العالمين

 

مديحيات ومرثيات في المرحوم محمد سالم ولد الدحَّانْ:

يقول فيه عبد الله ولد محمد زكريا ولد عبد الودود الأبييري:

 

سَما للعُلا والمَجد من دام سالمُ
سَما وارتقى حتى عَلا كلّ رتبة
لقد حاز سبْقا للمكارم كلّها
بإكرام ضيفٍ لا يُدانيه قولُنا
يُنادي بإحضار الطعام لضيفه
ويَرعَى حقوقَ الجار وهي كثيرةٌ
 فأكرِم به نَجْلا  لـ(دحّانَ) سيّداً
عطاياهُ لا تُحصى بقوْلٍ وإنها
ودارٌ له للزائرين فسيحةٌ
إذا جئتهُ يلقاكَ بالرّحْب دائما
يُنادي على الخُدّام هيّا بسُرعةٍ
أولئك آلُ الحاج مَن دام فضلُهم
جزى الله بالإحسان والخيروالتقى
(محمدُ) أعني (سالِماً) ليس غيرُهُ
وأوسعْ له في الرزق إنك واسعٌ
وإنْ أنسَ لا أنسَ كريمةَ بيتِها
فـ(اغلانَ) أغلانا بحقٍ وإنها
إذا الضيفُ حيّاها تبَشُّ بوجهه
بشاشتُها دوما تُرافقُ وجهها
ولو رُمتُ إحصاءً لكُلّ فِعالها
وسوّدتُ من بيض الصحائف ثُلّة
جزاكُم إلهُ العرش خيرَ جزائه
 وصلّي على خير البرايا محمد
 

مدى الدّهر من يُدعى (مُحمدُ سالمُ)َ
يقصّرُ عنها دونهُ مَن يُساوِم
يُقرّبُهُ من جاءَهُ وهو عالِم
بشاشتُهُ إذ دائما هو باسِم
يُباسطُهُ طوْراً وطوْراً يُنادِم
 وإن جارَ جارٌ خِلته عنهُ نائم
وأكرم به ما قيل: ذلكَ سالم
كعَدِّ الحصى هيهاتَ تُحصَى المكارم؟
ومَن يأتِ يمضي وهو كاسٍ وطاعِم
ويدعوكَ أهْلا كيفما أنت قادم
وهاتوا كؤوس الشاي ذلك قادِم
على كلّ مُحتاج لهُ الفقرُ هادِم
أولوا الفضل يا رحمانُ يا مُتعاظم
فبارك له في الأهل فضلُكَ دائم
عليمٌ بذاتِ الصدر والكلّ ساهِم
عقيلتُهُ أمّ الكِرام الأكارِم
لَمِسكُ خِتام القولِ بل هي خاتَم
وتلقاهُ بالجود الذي هو دائم
فلو رامَ تكشيرا أبتْ وهو راغِم
لقصّرَ فِكري دونَها وهو نادِم
ولا ينتهي إنعامُها والمَعالِم
وضاعَفَ في الأخرى ثواباً يُلائم
نبيُّ الهُدى من هو للرُسْلِ خاتَم
 

 

واغلانه المذكورة هي أغلانه بنت عالي ولد الحاج المختار الشمسدي عقيلة محمد سالم ولد الدحَّانْ.

 

ويقول فيه محمد عبد الله ولد ياده الحاجي:

محمد سالم لا انكربْ
يعطيك ءُ يعْط منطربْ
وارث عبد الرحمن ولْ
عبد الودود ءُ ذاكْ بلْ
ءُ بلْ الولايه ما اتگل
واحملْ لمانَ عندْ بلْ
عطايْ الناگة واجْملْ
 

ءُ لا رَ فالدهر إهانَ
مِراراً ومجّانَ
الولي الِّ ما ينْجهلْ
لمرُوّ والرّزانَ
من ذاك الدهر إلانَ
اخلگْ حاملْ لمانَ
والعاملْ أينَ كانَ
 

 

 

 

ويقول محمد ولد الحسن الأبييري في رثائه:

يا بدرُ ما لكَ بالأحزان تلتحِفُ؟
عفوا تنبّهتُ :قد غمّتكَ طارِقةٌ
لمّا نعَى القومُ –والعلياءُ تسبِقهم-
تلبّدَ الغمُّ في الأحشاء ينهشُها
(محمّدٌ سالمٌ) في القلب مسْكَنُه
يُروى فيُلهمُ أجيالا خِصالَ ندىً
تبكي عليكَ أخا المعروف ساريّة
تُقيمُ عندكَ تَسقي القبر عاكفةً
وشائجُ الودّ فيما بيننا اتصلتْ
(محمّدُ زكريا) كان يُنهلُنا
ونحنُ نحفَظُ ذاك العهدَ إنّ له
وبارِكنّ إلهي في بنيه وفي
وصلِّ ربِّ صلاة لا نفادَ لها
 

على مُحيّاكَ يبدو الكرْبُ والأسفُ
اضحتْ بصدمتِها الألبابُ ترتجف
شهْماً على الخير والإحسان يَعتكِفُ
والقلبُ بين جبالِ الحُزن مُنعطِف
وذِكْرُه راسخٌ كالزهر يُقتطَف
عليه تندِبُ حظا دمعُها يكِف
تسُحّ من رحماتِ الله تَغترِف
فما لها عن جَناب الفضل مُنصَرَف
إرْثا على سَقيه أسلافُنا عكَفوا
من خالص الودّ كأساً عندكم تقِف
 بيتاً من القلب بالإغلاق يتّصِف
بناته واحفظنهُم حيثُما انصَرفوا
على رسولٍ نَما مِن غرْسه الشرف
 

محمّد زكريا المذكور رحمه هو أحد رجالات العلم الأبييريين، عهد له محمد سالم ولد الدحَّانْ تدريس القرآن والعلوم الشرعية في بيته ولازَمهم لزمن طويل، وكان محمد سالم يعتبره صديقا ومستشارا له، وكان الأولاد يعتبرونه والدا لهم.

 

ويقول الأديب سيدي محمد ولد عبد الحميد ولد هدّارْ في رثائه:

محمّد سالم مُول شانْ
أمش والزمان أبلامان
ولْ الدحانْ أيعرفْ كانْ
يعطيهْ الرحمه والغفران
افيهْ امعزين اگبالْ الدّين
معزين، افيهْ امعزين
 

كانْ اساعيَ كانْ افلحسانْ
شور المعبودْ ألناس اشهود
عنُّ ماشي شورْ المعبود
مشيو فيهْ امعزّين الجُود
افيهْ اهل الحاجْ اذَ معهود
زادْ اذراري عبد الودود
 

صور للمرحوم محمد سالم ولد الدحَّانْ في مراحل مختلفة من حياته المباركة:

أربعاء, 02/06/2021 - 11:55