
.
انواكشوط غريق ، أسواقه ، مكاتبه ، أحياؤه ، مقطعة الأوصال ، معطلة الطريق . بكل شارع مستنقع @ من حاول المرور منه أو به سيقع @ مخضبا معفرا بتربة ألوانها أقذارها لها تبع ،@ داكنة داجنة هجينة عجينة بها من كل متروك و مستخبث بقع @ .
إن فكرت بمغامرة التنقل لأمر مهم @ أو طارئ ملم @ فاختر الخريت @ السائق العفريت @ وحدد له الأجرة بالأوقية والكيت@ و جهة الرحلة للعمل أو للبيت @ فسيسير سير القارض @ الراكض لصيد عارض @ يقفز بين الجحور والأنفاق @ سيء الشرك والإرفاق@ يصدر الصفير والزفير @ في وجه كل من شاركه النفير @ في يوم تعطل فيه المسير @ إلا من صدإ المراكب @ يعلوه متعود السير والضرب في المناكب @ يكسب قوته من كل نازل وراكب @ لا يمل حديث زبنائه واغتيابهم للساسة وأصحاب المسؤوليات والمناصب @ لا فرق عنده بين طريق معبد أو معمد أو مطمور @ أ و منخفض أو مرتفع ممتد الجسور @ شيدت عليه مجار تصرف كل ساقط نازل من أعلا أو من لافظ لاقط .
مثل هؤلاء السواد الأعظم الذين منعوا اللحم والدسم ورموا بالعظم بعد أن جف وخف والتف وكان منهم إنبات اللحم وإجراء الدم وتقوية العظم ، توظف عليهم الضرائب وكل أنواع المكوس بعدد حركاتهم وسكناتهم وروحاتهم وغدواتهم .
ولو كانت مقابل استمرار الخدمات وتذليل صعوبات ومشاكل جديد الحياة لهان الأمر وحلى الأمر و لحبب لهم ولاة الأمر وصدق من دعاتهم وولاتهم الكذاب الأشر الذي يدعي في كل جديد أنه الأَخْيَرّ وما قبله الأشر بزواله سينجز المعجز و يتيسر المتعسر و تتحول العاصمة لأرقى عواصم العالم المتحضر ، يسير الراكب بشوراعها ولا محروم بقارعها من متسول أو معترض ذي حاجة محتضر لا أمت ولا عوج ولا هشيم محتظر ولا حفر ولا ردم من بناء أو أعجاز منقعر .
يتجول السائح بأزقتها وحاراتها ومدائنها ليلها نهارها وكأنها المعنية بقول شاعر الجنة المفقودة :
يا أهل أندلس لله دركم @ ماء وظل وأنهار وأشجار
ما جنة الخلد إلا في دياركم @ ولو خير ت هذي سأختار .
والحقية المرة أنه بعد مختار العشرينية الأولى من عمر الدولة لم يأت مختار شفيق مستقيم يمهد للإصلاح والبناء الطريق .
ففي العشرينية الماحقة و العشرية الساحقة و ثلاثتها اللاحقة أحلام تغتال وأموال مستباحة من حاكم يحتال لها وبرجاله أشد احنيال " يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطن إلا غرورا" بمنجزات معلقة كالسراب ومشاريع قفر يباب.
وربنا الغفار شديد العقاب الرحيم التواب .