دعـــــــــــوى الاستحقــــــــــــــــــاق العقــــاريـــــــــــــــــــــة (الحلقة الثالثة)

دعوى وقف الأعمال الجديدة: 
وهي دعوى يرفعها المالك من أجل وقف أعمال شرع المدعي عليه في القيام بها على أرضه أعني المدعي ولو تمّت لنتجت عنها آثار من شأنها المساس بحقوق ملكية المدعي فهي إذن ذات طبيعة استعجالية لأنّها تستهدف الحماية من خطر محدق لذلك يجب على المدعي إثبات الشروع في الأعمال وعدم نهايتها لأنّه إذا كانت الأعمال انتهت لا يكون للمدعي ممارسة هذه الدعوى وإنّما يكون عليه رفع دعوى منع التعرض التي تمّ الحديث عنها آنفا ويبدو أنّ الفقرة الثالثة من المادة: 318 من م ح ع نصّت على أنّ هذه الدعوى من اختصاص القاضي المختص في مجال السند العقاري الذي يأمر عبرها بإنهاء إزعاج يمس التمتع بعقار محفظ حسب المفهوم من المادة وفي حالة عدم تحفيظ العقار يكون الاختصاص فيها لرئيس محكمة المقاطعة حسب وشاية النصّ أعلاه
3ـ دعــــــــــوى الحيــــــــــازة
الحيازة هي السيطرة المادية من شخص على شيء يجوز التعامل فيه عبر وضع يده عليه والتصرف فيه سواء كان الشخص هو صاحب الحقّ أو غيره(38) ويجب أن تتجلى هذه السيطرة في ممارسة اعمال ظاهرة يمارسها مالك الشيء عليه عادة (39) وإن كان لا يملك الشخص على الشيء سوى حقّ ارتفاق أو انتفاع كانت الحيازة مجسدة في استعمال الحقّ (40) وتستهدف دعوى الحيازة استردادها بعد فقدها أو وقف التشويش عليها أو وقف أعمال بدأت ومن شأنها لو تمّت أن تشوش على الحيازة حسب المفهوم من المادة: 441 من ق ا م ت إ وسنكتفي بالتعرض لدعوى استرداد الحيازة لأنّها من أهمّ ما يعرف بدعاوي الحيازة (41) والتي حسب القواعد العامة والمفهوم من المادة: 440 من ق إ م ت إ هي حقّ حماية منحه المشرع لحائز عقار بقصد استرداد حيازته أي استرجاعها بعد فقدها (42) عند توفر الشروط المنصوصة في المادة: 443 من ق إ م ت إ التي من أهمّها:
•أن تكون حيازة العارض منذ سنة على الأقل (43)
•أن تكون مادية وهادئة أي خالية من أيّ نزاع (44)
•أن يرفع المدعي أي العارض دعوى استرداد الحيازة خلال مدة أقلّ من سنة من تاريخ حصول فقدها 
•أن تكون قائمة على سند ملكية والمقصود بهذا الشرطة هو منع دعوى الحيازة في الأراضي المملوكة للدولة (45) التي تعتبر حيازتها بشكل مستمر عملا غير شرعي حسب المفهوم من المادة : 99 من المرسوم رقم : 80/ 2010 والمتعارف عليه (46) بل إنّ إحدى المحاكم التونسية ذهبت في حكمها رقم : 212/ 2000 الصادر بتاريخ : 04/ 01/ 2000 إلى أن تحفيظ أرض عمومية أو جزءا منها لا أثر له وذلك تطبيقا للفصل : 356 من م ح ع ت (47)
وبالتالي يستنتج ممّا سبق أنّه إن اتحدت دعوى استرداد الحيازة مع دعوى الاستحقاق العقارية في أمور منها استهداف استعادة حيازة العقار بعد فقدها فإنّها تختلف معها في أمور منها:
ـ أنّ دعوى لاستحقاق العقارية دعوى في الأصل كثيرا ما تثبت بسندات ذلك أنّ ملكية العقار تتجسد في سند رسمي أو ما يقوم مقامه وبالتالي يطالب فيها المدعي بتقديم ما يثبت ملكيته للعقار محلّ التداعي على النحو الذي سنتعرض له لاحقا أمّا دعوى الحيازة وبصفة عامة فلا يطالب فيها المدعي بغير إثبات حيازته وأنّها كانت هادئة ومنذ سنة أو أكثر .... والاعتداء عليها حسب الشروط الواردة في المادة: 443 من ق إ م ت إ التي عرضت أعلاه ولا ينظر فيها عادة إلى أيّ سند إلا من حيث دلالته على الحيازة حسب المفهوم من المادة: 446 من ق إ م ت إ والفقرة الثانية من المادة: 44 من م ح ع
ـ بما أنّ دعوى الاستحقاق العقارية دعوى في الملكية يمكن أن يحوز الحكم الصادر فيها مثل جميع أحكام الأصل قوة الشيء المقضي به بالنسبة للملكية عندما يكون باتا ويكون شكله ومضمونه مثل شكل ومضمون الأحكام الصادرة في الأصل حسب المفهوم من المادة آنفة الذكر وقرار الغرف المجمعة رقم: 45/ 2015 الصادر بتاريخ: 04/ 11/ 2015 الذي تمّ التعرض له أعلاه وذلك على خلاف الحكم في دعوى استرداد الحيازة فلا علاقة له بملكية العقار وبالتالي يمكن أن يكسب شخص دعوى الحيازة ضدّ شخص آخر فيرفع عليه الخاسر في دعوى الحيازة دعوى استحقاق فيكسبها ضدّه رغم أنّه خسر دعوى الحيازة وهذا هو المعمول به تشريعا وفقها وقضاء في معظم البلدان التي تعمل بدعوى الحيازة(48) هذا بالإضافة إلى أنّ دعوى الحيازة ذات طبيعة استعجالية نظرا لأنّها تواجه أخطارا حلّت فعلا ووقفها على علاقة ليس بالعدالة فحسب وإنّما بالمحافظة على الأمن والاستقرار(49) لذا قصرت بعض التشريعات الاختصاص فيها على قاضي الأمور المستعجلة(50) بينما لا تعرض دعوى الاستحقاق إلا على المحكمة وفي إطار دعوى في الأصل
ـ أنّ دعوى استرداد الحيازة لا يمكن رفعها بشكل ناجح أي يمكن أن يؤدي إلى قبولها إلا خلال أقلّ من سنة من فقد الحيازة بينما دعوى الاستحقاق العقارية يمكن رفعها في أيّ وقت تطبيقا للمادة: 11 من م ح ع فلا قيد عليها من ناحية الزمن
ـ أنّ دعوى استرداد الحيازة يمكن أن يرفعها من له على العقار مجرد حقّ انتفاع حسب المفهوم من الفقرة الأولى من المادة: 44 من م ح ع إذا ما نزعت حيازته للعقار أمّا دعوى الاستحقاق العقارية فلا يمكن رفعُها في العادة بشكل يضمن قبولها إلا من طرف المالك لأنّ بعض الشروط المفروضة في المادة: 2 من ق إ م ت إ لقبول الدعوى لا تتوفر فيها لغير المالك عادة ....
المبحث الثاني: ما يمكن أن يثبت به المدعي ملكيته للعقار محلّ التداعي والدفوع التي تمكن مواجهته بها من طرف المدعى عليه 
سيتمّ التعرض في هذا المبحث لبعض أهمّ الأدلة التي يمكن أن يثبت بها المدعي ملكيته للعقار محلّ التداعي وذلك قي مطلب أول وبعض الدفوع الموضوعية (51) التي يمكن أن يواجه بها المدعى عليه المدعي في مطلب ثان بينما بالنسبة للشكل سيتم الاكتفاء بما تمّت الإشارة إليه أعلاه (52) لأنّ موضوع المداخلة ليس الدفوع وأنّ هذه الدفوع لا تتعلق بأصل الحقّ 
المطلب الأول: أمثلة ممّا يمكن أن يثبت به المدعي ملكيته للعقار محلّ التداعي
تطبيقا للقواعد العامة وعموم المادة: 397 من ق ا ع التي تنصّ على ما يفهم منه أنّ على المدعي إثبات دعواه ولأنّ دعوى الاستحقاق العقارية مهما كانت الطريقة التي رفعت بها لا تختلف من حيث طرق الاثبات عن الدعاوي الأخرى كثيرا وانطلاقا من المادة: 14 من م ح ع التي نصّت على أنّ الملكية يمكن إثباتها بكلّ الوسائل (53) والقانون رقم: 60/ 139 الصادر بتاريخ: 17 أغسطس 1960 المتضمن القانون العقاري (54) والأمر القانوني رقم: 83/ 127 المعدل له (55) والمراسيم المطبقة لهذا الأخير أي لأمر القانوني رقم: 83/ 127  خاصة المرسوم رقم: 80/ 2010 والقانون رقم: 2013/ 024 المتضمن القانون التوجيهي الزراعي الرعوي (56) الصادر بتاريخ: 15 يوليو 2013  وقرارات الغرف المجمعة خاصة القرار رقم: 19/ 2012 الصادر بتاريخ: 12/ 12/ 2012 والقرار رقم: 08/ 2021 الصادر عنها بتاريخ: 17/ 02/ 2021 وكذلك قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا رقم: 64/ 2015 الصادر عنها بتاريخ: 11/ 07/ 2015 فإن مدعي ملكية عقار في يد الغير سواء تمّ تقديم الدعوى بشكل أصلي أو فرعي أو عبر اعتراض في إطار مسطرة تحفيظ عقار مطالب بتقديم ما يثبت دعواه ككلّ مدّع ولأنّ ملكية العقارات لا تثبت إلا بتقديم سند ملكية أو ما يقوم مقامه قانونا كان من الواجب على المدعي في دعوى استحقاق عقارية أن يتقدم للمحكمة بإحدى الأوراق أو المثبتات التالية:
1ـ سند تحفيظ عقاري ذلك أنّ سند التحفيظ لا يصدر إلاّ لمن أثبت ملكيته للعقار موضوعه حسب البند رقم: 9 من المادة: 323 من م ح ع والمادة: 324 منها
2ـ رسالة منح أو قسيمة منح (بادج) بالنسبة للاقتطاعات الحضرية
3 ـ رخصة شغل (درج بعض القضاة على تسميتها برخصة الحيازة ولا أدري من أين أتوا بهذه الترجمة) (57) 
4ـ رسالة منح ورخصة شغل
5ـ وصل مخالصة بالنسبة للاقتطاعات الحضرية 
6ـ منح مؤقت من طرف إحدى اللجان العقارية مثل اللجنان المختصة بالفصل في النزاعات العقارية المنصوص عليها في المادة: 103 وما بعدها من المرسوم رقم: 80/ 2010 التي يفهم من الفقرة الأولى من المادة: 107 من ذات المرسوم أنّها يمكن أن تقوم بمصالحة الأطراف في إطار نزاع بينهم منشور أمامها يتعلق بأرض مملوكة للدولة وعندما تقوم بذلك تمنحهم نسخة من محضر المصالحة يكون موقعا من طرف أعضائها خاصة حاكم المقاطعة (58)
7 ـ قرار نهائي بالمنح ويصدر عن الجهة التي منحت منحا مؤقا حسب المستفاد من المادة: 98 من المرسوم رقم: 80/ 2010 بالنسبة للإقطاع الريفي والمادتين: 127 و137 منه بالنسبة للإقطاعات في الأماكن الحضرية
8 ـ بإثبات وجود حقوق عقارية سابقة على القانون رقم: 60/ 139 ومعترف بها من طرفه على معنى المادة: 3 منه (59)
9 ـ تقديم شهود على أنّ المدعي هو المالك للأرض محل التداعي بالنسبة للأراضي الزراعية تطبيقا للقانون العرفي على معنى الفقرة الرابعة من المادة: 43 من القانون رقم: 2013/ 024 المتضمن القانون التوجيهي الزراعي الرعوي الصادر بتاريخ: 15 يوليو 2013 التي جاء فيها: (في حالة الأراضي المسجلة أو غير المسجلة المملوكة بموجب القانون العرفي يُعرٍض عدم الإحياء طوال 3 سنوات متتالية المالك لعقوبات تحددها السلطة المختصة) (60)
10ـ تقديم شهود على أنّه مالك بالمساهمة في ديمومة إحياء الأرض واستغلالها بزراعتها على معنى الفقرة الأولى من المادة: 6 من ق ع والمواد: 36 و37 و38 من المرسوم رقم: 80/ 2010 المطبق له التي تشي بأن الشخص يكسب ملكية الأراضي الزراعية التي خرجت عن الملكية العمومية بالمساهمة في ديمومة إحيائها ونتيجة للمقاصد العليا التي استهدف المشرع تحقيقها من تقنين هذه المواد يحتمل أنّ تحفيظ الأرض الزراعية لا يحول دون اكتساب ملكيتها بهذه الطريقة خاصة في ضوء المادة: 5 من ق ع التي جاء فيها: (تصبح التسجيلات العقارية على أسماء الشيوخ والوجهاء لصالح المجموعات التقليدية التي ينتمون إليها.) (61)
11ـ تنازل شرعي من شخص يملك بموجب إحدى مثبتات الملكية السابقة على معنى المادة: 132 من المرسوم رقم: 80/ 2010 التي تشترط التوثيق ويشار إلى أنّ هذا النوع من العقود يجب توثيقه توثيقا رسميا وذلك تحت طائلة البطلان المطلق في بعض البلدان مثل السنغال (62)
وعندما يتقدم المدعي بإحدى الأوراق أو المثبتات السابقة يمكن أن تحكم المحكمة بملكيته للأرض محلّ التداعي سواء كانت دعواه الاستحقاق تمّ تقديمها كدعوى في الأصل أو في شكل اعتراض على تحفيظ عقار أو باعتبارها دعوى استبعاد فرعية تمّ تقديمها أثناء التنفيذ عبر طلب الحكم باستبعاد العقار الذي يطلب استبعاده هذا ما لم يتقدم المدعى عليه بأحد الدفوع التي سنتعرض لها في المطلب التالي
أهم الإحالات:
38ـعرفت الفقرة الأولى من المادة: 43 من م ح ع الحيازة بأنّها: (... الممارسة المباحة لسلطة مؤقتة على ملكية بموجب سند يقتضي على الخصوص وضعه تحت التصرف) وعرفت المادة: 239 من مدونة الحقوق العينية المغربية ما أسمته الحيازة الاستحقاقية بأنّها: (... السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه) موقع المحكمة الدستورية المغربية م ـ س
39ـ عبد الرزاق السنهوري م ـ س ج 9 المجلد 2 ص 784 ـ 785 ويذهب إلى أنّها ليست حقّا عينيا ولا حقّا شخصيا وإنّما سبب لكسب حقّ بينما يذهب الدكتور محمد بادن إلى ما يمكن أن يفهم منه أنّ الحيازة ينشأ عنها حقّ عيني على العقار موضوعها د/ محمد بادن م ـ س ص 95
40ـ ـ م ـ ن ج 9 المجلد 2 ص 792
41ـ ـ اقتصرنا هنا على تناول دعوى استرداد الحيازة ليس لأهميتها فحسب وإنّما لأمور أخرى منها:
ـ أنّ صور دعاوى الحيازة الأخرى المتعلقة بمنع التعرض ووقف الأعمال الجديدة لا تختلف عن صورة ممارسة هذه الدعاوي كدعاوي في الأصل إلا من حيث موضوع الطلب والمطلوب إثباته فقط للحكم لصالح المدعي هذا مع أنّ من المحتمل انطلاقا من المتطلبات الخاصة بما تحمي دعوى الحيازة والظروف التي تواجه وما تشي به بعض النصوص خاصة المادة: 318 من م ح ع أن تكون دعوى الحيازة من اختصاص رئيس المحكمة كما هو المعمول به في بعض الدول خاصة فرنسا بينما دعوى الاستحقاق من اختصاص المحكمة مهما كانت الحالة التي تمّ رفعها بها حسبما سنتحدث عنه لاحقا
ـ أنّ دعوى الحيازة موضوع مداخلة مستقلة لأحد الزملاء المشاركين في الندوة وبالتالي لا يجوز التعرض لها أكثر ممّا يجب في عرض آخر
42ـ يشار إلى أنّ دعوى الحيازة وضعت أصلا لحماية المالك الأصلي للعقار حتى ولو كان من الممكن أن يستفيد منها المغتصب Usurpateur في حالات منها أن يكون استولى على الأرض في غياب مالكها وزرعها مدة سنة وكانت حيازته لها خالية من العيوب الشائبة للحيازة مثل التقطع والخفاء والغموض والإكراه. وللتوسع في عيوب الحيازة يمكن الرجوع لعبد الرزاق السنهوري م ـ س ج 9 المجلد 2 ص 841 وما بعدها وفي شأن امكانية استفادة سيئ النية من دعوى الحيازة ص 790 حيث يقول: ( يحمي القانون الحيازة في حدّ ذاتها ولو كان الحائز غير المالك ويرجع ذلك لسببين السبب الأول أنّ الحائز ... يسيطر سيطرة فعلية على المال الذي يقع في حيازته فيجب لاعتبارات تتعلق بالأمن العام أن تبقى له هذه السيطرة فلا يعتدي أحد عليها ولو كان المالك وعلى المالك أن يلجأ إلى الطرق التي رسمها القانون لاسترداد ماله من الحائز فالقانون يحمي الحيازة كما يحمي الملكية ولا يجوز للمالك أن ينتزع ماله من الحائز عنوة وقهرا فينتصف لنفسه بنفسه ويعكر صفو السلام والأمن العام والسبب الثاني انّ الحائز للمال في الكثرة الغالبة من الأحوال يكون هو المالك ... وقلّ أن يوجد مالك لا يحوز ملكه بنفسه أو بواسطة غيره لذلك يفترض القانون مبدئيا أنّ الحائز هو المالك فيحمي الملكية عن طريق حماية الحيازة ) وكذلك:
Serge Guinchard /Frédérique Ferrand/ Cécile Chainais procédure civile droit interne et droit communautaire Dalloz 29 édition 2008 p. 141
43ـ يشار إلى أنّ المادة: 1264 من مدونة الإجراءات الفرنسية نصّت على أنّ دعوى استرداد الحيازة تقبل ممن مدّة حيازته ناقصة عن سنة ضدّ من جرّده من هذه الحيازة 
Code de procédure civile op. cit. p. 1183
44ـ وهذا ما يعني أنّما يجب على المدعي إثباته بالشهادة في دعوى الحيازة هو الأمور التالية:
ـ أنّه حائز للعقار المتداعى فيه
ـ أنّ حيازته للعقار المتداعى فيه منذ سنة أو ما يزيد عليها
ـ أنّ حيازته للعقار المتداعى فيه كانت حيازة ظاهرة للعيان
ـ أنّ حيازته للعقار المتداعى فيه كانت مستمرة أو على الأقل لم تنقطع منذ سنة
ـ أنّ حيازته للعقار المتداعى فيه كانت خالية من أيّ نزاع وهذا ما يمكن أن يثبته بتقديم إفادة صادرة عن كتابة ضبط المحكمة المختصة بأنّها لم تفتح أمامها قضية تتعلق بنزاع في الأرض محلّ التداعي خلال السنة الماضية
وبالتالي يجب على المدعي أن يبن بالشاهدة كلّ هذه الأمور لكي يضمن قبول دعواه
45ـ يشار إلى أنّ الفقرة الأولى من المادة: 43 من م ح ع المتعلقة بالحيازة ورد فيها شرط مماثل
46ـ عبد الرزاق السنهوري م ـ س ج 9 ص 788
47ـ الجديد في فقه القضاء منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص 2014ـ 2015 ص 81
48ـ انظر بهذا الخصوص القرارين التعقيبيين الصادرين في تونس تحت رقمي: 24259 بتاريخ: 10 إبريل 2008 و25462 بتاريخ: 30 إبريل 2009 عصام الأحمر الجديد في فقه القضاء نشر مجمع الأطرش للكتاب المختص طبعة 2018 ص 416
49ـ عبد الرزاق السنهوري م ـ س ج 9 ص 830
50-Serge Guinchard Op. Cit p. 113
ويشار في هذا المجال إلى أمرين:
ـ أنّ الغرفة المدنية والاجتماعية الأولى في إطار تطبيقها للمادة: 232 من ق إ م ت إ ذهبت في قرارها رقم: 07/ 2016 الصادر بتاريخ: 22/ 03/ 2016 إلى أنّ: (على القاضي اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية حقوق الأطراف المعرضة لخطر لا يمكن تداركه) وهذا ما يحتمل معه خاصة في ضوء المادة: 318 من م ح ع أنّ دعوى الحيازة يمكن أن تقدم عن طريق الاستعجال هذا ما لم تكن دعوى استعجالية بطبيعتها
ـ أنّ الدعاوي الثلاث التي تحمي الملكية تقابلها دعاوي تحمي الحيازة فتقابل دعوى استرداد الملكية التي هي دعوى الاستحقاق دعوى استرداد الحيازة ويقابل دعوى منع التعرض في الملكية دعوى منع التعرض في الحيازة ويقابل دعوى وقف الأعمال الجديدة في الملكية دعوى وقف الأعمال الجديدة في الحيازة عبد الرزاق السنهوري م ـ س ج 8 ص 598 
51ـ الدفوع الموضوعية كما هو معروف هي تلك المتضمنة نكران الحقّ أو سقوطه د/ عبد الكريم الطالب م ـ س ص 203
52ـ تمّت الإشارة في الصفحة الثالثة من هذه الورقة إلى أنّ دعوى الاستحقاق العقارية خاضعة للشروط العامة للدعوى وبالتالي يمكن أن يتقدم المدعى عليه فيها بجميع الدفوع الشكلية التي يمكن تصور تقديمها في أيّ دعوى استحقاق
53ـ يعني أنّ الملكية يمكن إثباتها بالوثائق والشهود والإقرار والقرائن وحسنا فعل المشرع في التوسع في طرق إثباتها فلو لم يفعل ذلك بحصر إثباتها بطريقة معينة لأدى ذلك لاحتمال ضياع حقوق كثيرة وهذا ما ذهب إليه الدكتور محمد بن محجوز د/ محمد بادن م ـ س ص 39
54ـ نصّت المادة: 3 منه على الاعتراف بالحقوق العقارية الناجمة عن ملكية بموجب القانون العرفي إذا تجسدت في استيلاء قائم ودائم على الأرض. وهذا القانون منشور في عدد الجريدة الرسمية رقم: 39
55ـ منشور في عدد الجريدة الرسمية رقم: 592
56ـ منشور في عدد الجريدة الرسمية رقم: 1303
57ـ يشار إلى أنّ رخصة الشغل (الحيازة) لا تعني المنح انطلاقا ممّا تشير إليه الألفاظ وإنّما تعني إذن الإدارة للمستفيد منها بشغل أرض معينة ويمكن أن يستتبعها المنح أو طلب الإدارة التي أذنت بشغل الأرض إخلاءها ذلك أنّ رسالة المنح هي وحدها الدالة على المنح كما أنّ القانون يفترض أنّ المنح  حدث كردّ على طلب تقدم به المستفيد تطبيقا للمواد: 12 من ق ع و 127 و137 من المرسوم رقم: 80/ 2010 المطبق له بالنسبة للاقتطاعات في الأماكن الحضرية وتتضمن رسالة المنح عادة وجوب دفع ثمن الأرض خلال مدة تعينها وبالتالي فهي التي بها يقترن إيجاب الطالب بقبول الجهة المانحة ويكون بذلك من غير المفهوم بالنسبة لي على الأقلّ ذهاب الغرف المجمعة في قرارها رقم: 38/ 2014 الصادر عنها بتاريخ: 15/ 07/ 2014 إلى أنّ: ( ما قبل رخصة الحيازة هو من الإجراءات التمهيدية للمنح) هذا مع الإشارة إلى أنّ رخصة الشغل تشير في متنها إلى رسالة المنح ممّا يفهم منه أنّ رخصة الشغل تصدر تطبيقا واعتمادا لرسالة المنح والقرار منشور في مجلة المحاكم الموريتانية عدد إبريل 2022 ص 126 هذا مع الإشارة إلى أنّ الغرف المجمعة ذهبت قبل هذا القرار في القرار رقم: 19/ 2012 الصادر عنها بتاريخ:12/ 12/ 2012 إلى أنّه: ( لا يمنع إصدار رخصة لأحد الأطراف في المنح المزدوج من إصدارها للطرف الآخر تقدم أو تأخر في التسديد وتأسيسا عليه لا يمكن أن يشكل تاريخ رخصة الحيازة الدليل الوحيد على أسبقية المنح في حد ذاته ممّا يعني أنّها كانت تعتبر رسالة المنح يثبت عن طريقها المنح ولم أتمكن من فهم اسباب تراجعها عن هذا المذهب إلى المذهب السابق على غرابته هذا مع الإشارة إلى أنّ الإدارة ذهبت إلى أنّه في حالة تعدد المنح (تعطى الأولوية للأشخاص الذين بحوزتهم بطاقات ترحيل أو أوصال حتى ولو كان الطرف الآخر يتوفر على رخصة) ممّا يعني أنّ الإدارة التي هي جهة المنح تعتبر رسالة المنح وبطاقة الترحيل وثائق منح ترجح برخصة الشغل ( رخصة الحيازة) وبالتالي يكون بذلك مذهب الغرف المجمعة غير مبرّر. التعميم رقم: 01506 الصادر عن والي نواكشوط بتاريخ: 07/ 05/ 2003 المشار إليه أعلاه هذا وأرجع أحد مستشاري المحكمة العليا التناقض الحاصل بين القرارين إلى أنّ بالمحكمة العليا تيارين أحدها يعتبر أنّ الأوراق السابقة لرخصة الشغل مجرد إجراءات تمهيدية للمنح بينما يرى فريق الثاني من قضاة المحكمة العليا أنّ جميع الوثائق الصادرة عن الإدارة يتحقّق بها المنح
  ـ تذهب بعض المحاكم إلى أنّ الأصلاح التي تجري اللجان العقارية في النزاعات التي تنشأ بين المواطنين في أراض عمومية بمثابة منح مؤقت على الأقلّ ومن ذلك ما ذهبت إليه الغرفة المدنية بمحكمة الاستئناف بألاك في قرارها رقم: 11/ 2018 الصادر عنها بتاريخ: 19/ 12/ 2018 وسبق للغرفة المدنية الثانية بمحكمة استئناف نواكشوط أن ذهبت ذات المذهب في قرار صادر عنها أيام ترؤس القاضي محمد الغيث عمار لها لكنّني لم أتمكن من الحصول عليه
58ـ تذهب بعض المحاكم إلى أنّ الأصلاح التي تجري اللجان العقارية في النزاعات التي تنشأ بين المواطنين في أراض عمومية بمثابة منح مؤقت على الأقلّ ومن ذلك ما ذهبت إليه الغرفة المدنية بمحكمة الاستئناف بألاك في قرارها رقم: 11/ 2018 الصادر عنها بتاريخ: 19/ 12/ 2018 وسبق للغرفة المدنية الثانية بمحكمة استئناف نواكشوط أن ذهبت ذات المذهب في قرار صادر عنها أيام ترؤس القاضي محمد الغيث عمار لها لكنّني لم أتمكن من الحصول عليه
59ـ يشار إلى أن المادة: 3 أعلاه نصّت على أنّ القانون يعترف بالملكية العرفية السابقة له إذا استندت على استلاء دائم على الأرض محلّها ويحتمل تعديل هذه المادة بالمادة: 4 من الأمر القانوني رقم: 83/ 127 التي اشترطت للاعتراف بالملكية شرطين هما:
ـ كونها لشخص طبيعي أو معنوي
ـ أن تكون ناتجة عن استثمار تحميه الشريعة الإسلامية
ويشار إلى أنّ العمل جرى بعدم سؤال المدعى عليه الحائز للعقار عن بيان وجه تملكه للعقار المتداعى فيه بل يكفيه قوله ملكي وفي حيازتي حتى يأتي المدعي بما يثبت ملكيته للعقار حينئذ يسأل المدعى عليه عن بينة ملكه للعقار المتداعى فيه ولا يكفيه مجردّ انكار ملكية المدعي للعقار المتداعى فيه بل لا بدّ من قوله ملكي وأحوزه للتعمق في الموضوع يمكن الرجوع للدكتور محمد بادن م ـ س ص 47 ـ 52ـ 53 وهذا المذهب هو الذي اعتمد المشرع المغربي في المادة: 242 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها أنّ المدعى عليه: (لا يكلف ببيان وجه مدخله إلا إذا أدلى المدعي بحجة على دعواه) موقع المحكمة الدستورية المغربية م ـ س
60ـ يشار إلى أنّ الفقهاء ذهبوا إلى أنّ شهادة الشاهد في دعوى الاستحقاق يجب أن تتضمن بالإضافة إلى أنّ المتداعى فيه ملك للمدعي أنّه لا علم له بخروجه من ملكه حتى وجوده بيد المدعى عليه وذهبت محكمة النقض المغربية إلى أنّ إضافة العبارة الأخيرة شرط كمال إذا كان المالك حيّا وأنّها تكون شرط صحة إذا كان ميتا ممّا يعني أنّ الشاهد يجب أن يكون عارفا للشيء المشهود عليه وللتوسع في الموضوع يمكن الرجوع إلى د/ محمد بادن م ـ س ص 38ـ 39 وهذا ما يفهم منه أنّ أركان شهادة الاستحقاق هي:
ـ معرفة الشيء المتداعى فيه
ـ معرفة ملكية المدعي له
ـ نفي العلم بخروج الشيء المتداعى فيه من يد المدعي حتى وجوده في يد المدعى عليه
ويشترط فقهاء الشريعة الإسلامية شروطا للحكم بالاستحقاق وهي:
ـ الشهادة على عين المتداعى فيه إن أمكن وإلا حيازته وذلك بأن يبعث القاضي شاهدين أو شاهد على الأقلّ مع الخصوم إلى العقار محلّ التداعي فيقولون له هذا هو العقار الذي شهدنا عليه
ـ الإعذار في بينة المدعي للمدعى عليه حتى يتقدم بمدفعه فيها إن وجد
ـ قسم المحكوم له على ملكه للعقار المتداعى فيه يمين الاستحقاق وهي يمين لردّ دعوى مقدّرة أو محقّقة وهذا ما يشي به مضمونها وهو: بالله الذي لا إله إلا هو أنّه ما باع الشيء المستحقّ ولا خرج عن ملكه بأيّ وجه من الوجوه حتى وجده عند المدعى عليه واختلف في وجوبها في المذهب المالكي على ثلاثة أقوال منها أنّها واجبة في كلّ شيء والثاني أنّها لا تجب في العقار والثالث أنّها لا تجب مطلقا وللتعمق في الموضوع يمكن الرجوع للدكتور محمد بادن م ـ س ص 60 وما بعدها خاصة الصفحة: 67 بالنسبة لليمين
61ـ يعد ولوج الأشخاص الأكثر فقرا إلى الملكية العقارية من أهم الأمور التي عمل الأمر القانوني رقم: 83/ 127 ومراسيم تطبيقه على تحقيقها وللتوسع في الموضوع يمكن الرجوع لمحمد عبد الرحمن بن عبدي تملك العقار في موريتانيا النصوص والتطبيق طبعة غير مرقومة ولا مؤرخة صادرة عن التعاون الأوربي بموريتانيا ص 46 ـ 47 ـ 48 
62- Franck Zeitoun le Droit Immobilier au Sénégal L’Harmattan édition 2015 p. 93

القاضي/ محمدينج محمدمحمود

اثنين, 24/10/2022 - 19:59