حديث الاربعاء  التعليم رهان التنمية  (5) 

ليس من المستغرب بذل الجهد واستنفار الموارد لانجاح عام دراسي حال تصل فيه المدرسة الجمهورية عامها الثاني ، ومن الطبيعي ان يشمر الوصي على القطاع عن سواعد الجد والمثابرة ، وان يبدي مزيدا من الفهم والتفهم لدور المدرس ، وان يعرب عن دور الرواتب المجزية في انجاح المهام المنوطة بالمدرس ، وقد صدع السيد الوزير بهذه الحقيقة بطريقة استحسنها المدرس ، في الوقت الذي لم يجرح بها كبرياء ولي الأمر  الذي اعتاد المخلدون المدورون على اسماعه ما يحب وبذلك يكون الوزير قد وفق في اطلالته الاعلامية وانعش آمال المدرسين . يبدو ان الوزير صادق ومتحمس لتحقيق اختراق في جدار الصمت
واعتقد انه يجب منح الوقت للوزير حتى يفصح عن ما في جعبته  وليعلم ان  ثمة رؤوسا   كبيرة استوطنت القطاع منذ بعض الوقت وعاثت فيه فسادا  ، يبدوا  انها قد  اينعت وحان قطافها ، لأ نها معاول هدم  ما تزال مفاعيلها سارية في القطاع . ان مسألة الاصلاح مسألة في غاية الاهمية ، لكن حذاري من الفهم المعوج لعملية الاصلاح فها هو ذا  مدير المصادر البشرية يمنع عن المدرسين من حقوق  الاسترجاع الواردة من الادرات الجهوية بحجة انه يكافح الفساد ، وقد تمنع في عهدة الوزير السابق وما يزال مواصلا مشوار التحدي مما يثر الدهشة هل يمكن الاصلاح بمدراء لا يطبقون اوامر  رؤساءهم في العمل 
ان محاربة الفساد مسعى نبيل لكن حصره في استرجاعات مستحقة أمر غير منصف. 
ان   الدعوة الى ان يكون الدرس الاول حول قيم الجمهورية  ، وان كان مستساغا في المرحلة الابتدائية  خاصة وان الاطفال لا يفهمون كثيرا عن فقه الواقع وملابساته ، فانه غير وارد في مراحل التعليم الثانوي ، فالمراهق اليافع الذي يملأ  الواقع سمعه وبصره بتناقضاته الصارخة ، يثر لديه إرباكا فكربا وتمزقا نفسيا واجتماعيا ، فقيم الجمهورية منبت المساواة والعدل وتكافؤ الفرص والامتيازات بين أبناء البلد الواحد. فهذا الفتى المستهدف باستنبات قيم الجمهورية في ضميره يعاني شظفا في العيش وفقرا مدقعا ، ويقطن في حي عشوائي مترهل ، في الوقت الذي يلاحظ اقرانه من أبناء المسؤولين يتجولون في السيارات الفارهة ويقطنون الاحياء الراقية  ويتقلبون في انواع الترف وهو يعلم ان هذا ليس من عرق جبينهم ولا من كد آباءهم  وإنما من المال العام . 
وعندما اقدم  انا مثلا درسا عن القيم الجمهورية مركزا على العدل والمعيارية في منح الفرص  ستضج في اذهان طلبتي جملة من الاسئلة القلقة الحائرة  الاجوبة عليها تنسف نسفا من كنت اجتهد على غرسه في نفوسهم ، فسيقولون  ولو في حوار داخلي مع انفسهم لي ( لو كان الامر  كما تقول لما كنت الآن هنا ، وقد ناهزت 30 سنة في الخدمة ، وغيرك كثر من الذين ما زالوا في مرحلة المناغاة الوظيفة  يحتلون الادرات المركزية ، والجهوية ، والمصالح ، بل ان بعضهم من طلبتك ، لم يتقدموا عليك بحكم التجربة ، ولا لانهم اعلى منك مؤهلا دراسيا او درجة علمية .وإنما بسبب غياب قيم الجمهورية في الواقع ، ان لم يحترم هولاء تجربتك الطويلة ، فليحترموا  شيبك .)
ان التنظير ورسم العوالم الوردية الحالمة شيء ، والواقع باكراهاته شيء آخر. لا يعني هذا اننا لا ننظر او نستشرف المستقبل ولكن بالمثالية الواقعية التي تنطلق من ما هو واقع  وتسوقه نحو ما هو ممكن  دون محاولة القفز على المعاش ، ان الحاجة الى الملموس والمحسوس اكثر الحاحا الآن من الحاجة الى صناعة الكلام وتشقيقه .
ان المدرس ضحية لغياب قيم الجمهورية ، بل ان المواطن بشكل عام يعاني ضياعا و انحدارا متواصلا ، وفقدانا للثقة في كل المرافق العمومية تقريبا ، فالمخلدون في الوظائف المدورون ما زالوا يلعبون ادوارهم الارتكاسية المعهودة في الفساد والإفساد؛ ولا زال الاصرار على توزيع العبث همهم الشاغل.
هولاء كلاب حراسة بتعبير بول نيزان لثقافة الغبن والظلم والتهميش.
ما لا يدرك كله لا يترك جزأه ، نريد تطبيق قيم الجمهورية في التعليم ، ترقيات ، تعينات ، تشجيعات ، عقوبات .بشكل علني ومشهود دون  تدخل من فلان او علان.
يتواصل. 
سيد المختار عال 06_ 10_2023
 46773726 ****20781920

سبت, 07/10/2023 - 20:23