محمد عبدالرحمن آبيه (عباد) المهندس الذي انقذ السكة الحديدة ونسيه الوطن

في زاوية منسية من ذاكرة الوطن، يقف رجل اسمه محمد عبد الرحمن ولد آبيه، الملقب "عباد"، شامخًا في تاريخه، متواضعًا في واقعه، مُثقلًا بجراح خذلان لا يستحقه.

هو أحد مؤسسي السكة الحديدية في شركة اسنيم، وواحد من أوائل من رفعوا التحدي الوطني الكبير عقب تأميم شركة "ميفرما". يومها كان البديل الوطني نادرًا، وكانت الكفاءات تُعدّ على رؤوس الأصابع، لكن "عباد" أصرّ أن يكون في المقدمة، فحمل القاطرة بيديه، وسار بها على السكة التي صنعها بعقله وعرقه، حين كان الآخرون يرهنون الوطن لمهندسين أجانب.

لم يكن مجرد موظف، بل كان مهندسًا بالفطرة، بنى بسواعده ما عجزت عنه شهادات كثيرين. كان قدوة، صامتًا في عطائه، عظيمًا في إخلاصه، من أولئك الذين لا يطلبون الشكر، لكنهم يستحقونه أضعافًا.

واليوم، وبعد عقود من الخدمة والتضحية، يعيش عباد في عُزلة الألم، ضحية عملية جراحية فاشلة، تلتها رحلة علاج شاقة في تونس، على نفقته الخاصة، فقط لأن كرامته تمنعه من مد اليد، رغم أن له حقًا لا منّة فيه.

لا دعم من الدولة، ولا التفاتة من الشركة التي خدمها بإخلاص. لا مكافأة ختامية، ولا حتى كلمة وفاء. وكأن الوطن قرر أن يطوي صفحة من صفحاته المشرقة دون أن يقرأها أحد.

إن من العار، بل من الظلم، أن يُنسى من كانوا عَصَبَ التنمية في هذا البلد. فبُناة الأوطان ليسوا السياسيين وحدهم، بل هناك رجال، من طينة عباد، نذروا أعمارهم للبناء في صمت.

من هنا، نوجّه نداءنا إلى فخامة رئيس الجمهورية، راعي القيم الوطنية، ليعيد لهذا الرجل بعضًا مما يستحقه. ونخص بالنداء مدير شركة اسنيم، ليكرّم من مهّد له الطريق، ورفع اللبنات الأولى للمؤسسة التي يديرها اليوم.

إنصاف عباد، هو إنصاف لذاكرة الوطن.
واحترام شيخوخته، هو احترام لمستقبل أبنائه.

ثلاثاء, 15/04/2025 - 12:52

إعلانات