تقرير : ندوة حول دور الأمن والقضاء والاعلام في محاربة الجريمة.

انواكشوط -المراقب

نظم المركز العربي الافريقي للإعلام والتنمية مساء أمس ندوة اعلامية تحت عنوان "دور الأمن والاعلام والقضاء في محاربة الجريمة" بحضور خبراء من ذوي الاختصاص فى مجال الاعلام والقضاء. 
في بداية الندوة تناول الحديث السيد النقيب محمد سالم ولد الداه، رئيس المركز العربي الافريقي للإعلام والتنمية، أكد من خلال مداخلته المفتاحية على أهمية الاعلام والقضاء وعلاقتهما المتشابكة حيث يهدف كل منهما إلى تحقيق أهدافه وقد يتداخلان في بعض الأحيان، فالإعلام يمثل السلطة الرابعة التي تراقب أداء المؤسسات بما في ذلك القضاء من خلال التغطية الاعلامية للأحداث القضائية، في حين يمثل القضاء السلطة المستقلة التي تضمن إقامة العدل وسيادة القانون، كما يسعى كذلك لحماية حقوق الأفراد بما في ذلك حرياتهم.
أما الاعلام والأمن يضيف السيد رئيس المركز فمجالاتهما هي الأخرى متداخلة ويؤثر كل منهما على الآخر. فالإعلام يلعب دورا حيويا وأساسيا في نشر الوعي الأمني، بينما تسعى الأجهزة والمؤسسات الأمنية إلى توظيف الاعلام في تحقيق أهدافها.
ويضيف أن الاعلام بمختلف وسائله المسموعة والمقروءة والمكتوبة يمكن أن يلعب دورا فعالا في توعية الجمهور في قضايا الأمن والجرائم ونشر المعلومات حول المخاطر المتعددة كما يساهم  في توجيه سلوك الأفراد نحو دعم الجهود الأمنية. 
وأشار أيضا الى أن هذا التداخل والتقاطع في الأدوار بين الاعلام والقضاء والأمن يمكن توظيفه في محاربة الجريمة التي انتشرت في بلادنا في السنوات الأخيرة. حيث عشنا أبرز مظاهرها في الحملة الأخيرة التي قادها الدرك الوطني واستهدفت العشرات من الأشخاص الذين كانوا يتاجرون في حبوب الهلوسة والمواد المنتهية الصلاحية وتزوير العملات وتجارة الاسحلة ، وكذلك الانتشار الفاحش للمخدرات المستهلكة بشكل كبير من  طرف  الشباب والفتيات لهذه المادة الخطيرة التي تؤدي لانتشار جرائم كبيرة مثل القتل والاغتصاب  وجرائم أخرى.
الخبير الاعلامى والاستيراتيجى العقيد المتقاعد  البخاري ولد محمد مؤمل، تناول في مداخلته الجانب الأمني لهذا الندوة 
تحت عنوان (التفاعل بين الأمن والاعلام وأثرهما على موريتانيا في ظل التغيرات الحديثة في الأطر المفاهيمية والتحديات الجيوسياسيةوانتشار الجريمة).
حيث أشار فى مداخلته إلى أن طرح هذا الموضوع يعود للتفاعل المعقد بين قضايا الأمن وتأثيره  الوطني الامنى والاعلامى والفردي والمجتمعي...الخ
موضحا الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام وخاصة منها تلك التقليدية والرقمية عبر نشر المعلومات وبناء التصورات وأثرها على إدارة أو زعزعة الأوضاع الأمنية، حيث وضح ان مفهوم الأمن الحديث شامل  بمعنى أنه يجمع جوانب الحياة ليتجاوز البعد الامنى ليشمل الأمن الاقتصادي والاجتماعي والامن الفكري والبيئي والأمن السبراني،  مضيفا أن هذا المفهوم ليس جامدا بل ديناميكيا ومتعدد الأبعاد ومتعدد الفاعلين.
وأضاف ان الأمن لم يعد من اختصاص الجيش والشرطة  والدرك بل يشمل الأمن الصحي ومحاربة المخدرات والأمن الغذائي ..الخ
فالإعلام  هو عملية نقل المعلومات والأخبار والمعارف من مصدر معين إلى جمهور معين باستخدام وسائل وأدوات متنوعة لهدف الإخبار والإقناع والتوجيه والتأثير...  مشيرا إلى ملف المخدرات وحبوب الهلوسة وتفاعل الجمهور بشكل كبير كان لافتا  وحظي بالبعد الاعلامى الكبير .
كما تطرق في مداخلته إلى الجريمة المنظمة واصفا إياها بأنها عبارة عن أنشطة إجرامية تتجاوز الحدود الوطنية تمارسها جماعات من خلال تهريب المخدرات والأسلحة وتهريب البضائع غير المأذونة والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين وتبييض الأموال ومخاطرها كبيرة، حيث انه من الإيجابي رفع الوعي العام لدى المجتمع المدني بتوعية المواطنين بخطورة الجرائم وشرح أعمال هذه الشبكات الاجرامية من اجل متابعتهم أمنيا.
بدوره أماط الأمين العام لنادي القضاة السيد مولاي اعل ولد احمد سالم ولد مولاي اعل، اللثام عن بعض المقتضيات المتعلقة بمحاربة الجريمة من ناحية القضاء، حيث أكد أن القضاء يقوم بدور مزدوج قبل الجريمة وبعدها من خلال الردع العام والذي تمارسه المحاكم عبر تطبيق النصوص القانونية وتطبيق العقوبات، فلا يطلب من القاضي أن يكون متشددا يظهر الكثير من القسوة كي لا ينزع الجانب الإنساني من العدالة ولا يطلب منه أن يخفف حتى لا يزول الغرض الذي من أجله وضعت النصوص والقوانين. 
موضحا دور الشرطة الادارية والمتمثل في منع وقوع الجريمة أصلا فاذا وقعت الجريمة انتهى دورها وبدأ دور الشرطة القضائية التي تعمل تحت إدارة وكيل الجمهورية والنيابة العامة ومن مهامها القبض على المشتبه بهم بارتكاب الجرائم وجمع الأدلة والقيام بالمعاينات وغيرها...
مشيرا إلى أن أي جريمة تعاقب حسب النصوص والقوانين والهدف من ذلك هو الردع العام.
بدوره اكد رئيس المحكمة العليا  السابق السيد ولد الغيلاني  في مداخلته بالندوة  ان القضاء هو صمام الأمان  فاذا كان نزيها يردع الفساد والجريمة معا  ويساهم في بسط السلم والأمن والتنمية.
مؤكدا ان دور القضاء هو توفير العدالة ومعاقبة الجريمة بعيدا عن التمييز والتبعية إضافة لإصدار الأحكام الرادعة والمنصفة ردعا للجريمة وحماية للمجتمع والضحايا والمتهمين طبقا للقانون.
كما تناول الحديث ضمن محاور الندوة  الخبير القانوني عضو المجلس الدستورى السابق الأستاذ بلال ولد الديك،  الحديث منوها  ومثمنا دور  أجهزة الأمن خاصة الدرك الوطني خلال حملته الأخيرة التي استطاعت ان تضع حدا  لمشاريع تفشي ما يسمى بالجريمة العظمى والمتعلقة بالمخدرات وانتشار حبوب الهلوسة الخطيرة على الدولة والمجتمع.
مضيفا  أن الأمن والحريات مواضيع  متداخلة فيما بينها حيث لا يمكن ممارسة الحريات دون الأمن ومن ذلك ضبط الحريات الاعلامية مع ان  الاعلام  حق للمواطن.
مشيرا  انه من غير المناسب إطلاق كلمة المجرمين على المتهمين وهم قيد التحقيق  فذلك مخالف للقانون  فهناك فالمبدأ البراءة فلفظ المجرم  تطلق  على المتهم  بعد الادانة فليس كل متهم مجرم. 
وطالب  الاعلاميين باختيار المصطلحات المناسبة واشار إلى أن الصحافة الحقيقية هي التي تنشر الأخبار كما هي  لكنها مهددة بنشر الشائعات عبر الفييسبوك والتيك توك... والتي تؤثر على المجتمع بما تنشره من أخبار تفتقد للدقة والمصداقية. اما الصحفى سيظى ولد عبيد فقد عرض لمداخلته  الى خطورة انتشار حبوب الهلوسة  مثمنا الخطوات التى قامت بها الجهات الامنية  مشيرا الى اهمية  استمرارية هذه الحملة  مستغربا انها لم تبدا قبل هذه الفترة  مع وجود كل المؤشرات التى تدل على  انتشار  المخدرات وحبوب الهلوسة  واعتبر ولد عبيد ان محاربة هذه الظاهرة مسؤولية الجميع  وليست مسؤولية مؤسسات الامن فقط. 
اما السيدة النوهة بنت محمد صالح، رئيسة جمعية نور فعرضت في مداخلتها لتداعيات انتشار المخدرات على مستقبل البلاد مؤكدة  أن المجتمع المدني يلعب دورا كبيرا في حياة الشعب والرفع من مستوى توعيته بما يدور في الوطن.
كما أشارت إلى الخطر الكبير الذي تشكله المخدرات وتطبيع وجودها بين فئات المجتمع حتى أصبح تعاطيها واستعمالها نوع  من الترف أو الهروب من الواقع بدل النظر إلى أن ذلك جريمة في حق الوطن والمجتمع والأسرة، حيث أن اثاراها لا تتوقف عند حدود الإدمان بل تتجاوز ذلك لتشمل تدهور الصحة النفسية والجسدية وانهيار العلاقات الأسرية وتفشي الجريمة والانحراف الأخلاقي، إضافة إلى عبئها الأمني والاقتصادي على الدولة.
وأشادت السيدة النوهة، بالحملة الأمنية الأخيرة التي قادها الدرك الوطني والتي أسفرت عن مصادرة كميات كبيرة من حبوب الهلوسة حيث أدت هذه الحملة إلى الحد من خطورة هذه المواد الخطيرة.
وأضافت انه لا بد من اليقظة والتنسيق في مواجهة شبكات التهريب وتكامل الأدوار بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، داعية  الأسرة الى  مراقبة سلوك الأبناء  ووسائل الاعلام فى فضح شبكات التهريب، مع إصدار قوانين رادعة تطال الرؤوس الكبيرة لتجار المخدرات. وقد شارك فى نقاش محاور الندوة  العديد من رجال الاعلام والقضاء والقانون.

ثلاثاء, 24/06/2025 - 14:43