حياد القاضي والشعور العام  بالعدالة" قرار الغرف المجمعة رقم 12/06 نموذجا"

 

 

يعتبر مبدأ حياد القاضي من أهم المبادئ الضرورية  لضمان استقلال  القضاء، و العدل بين المتقاضين  ولذلك  يقال بأن مبدأي الحياد والقضاء المستقل وجهان لعملة  واحدة  فلا حياد للقاضي إلا إذا كان مستقلا  وظيفيا وشخصيا وقد حرصت التشريعات الحديثة وعلى غرارها  المشرع الموريتاني  على إقرار  هذا المبدإ بدءا بدستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية  الصادر  بموجب الأمر القانوني  22/91 ومرورا بالقانون النظامي 012/94 الصادر  بتاريخ 07/02/94 المتضمن  النظام الأساسي للقضاء  المعدل بالقانون 010/95 والأمر القانوني 016/2006 والقانون رقم 031/2020 الصادر بتاريخ 08/12/2020 بالإضافة  إلى ما تضمنته  القوانين  الإجرائية  المتمثلة في قانون المسطرة  المدنية والمسطرة  الجنائية الموريتانيتين  وقانون التنظيم  القضائي  الصادر بموجب  الأمر القانوني  012/2007 المعدل  بالقانون  رقم 025/2019 ومن تطبيقات عملية  ترمي إلى تكريس  هذا المبدإ  والحيلولة دون المساس به نذكر منه تلك المتعلقة  بتجريح القضاة  ومخاصمتهم  وواجب  التقيد بطلبات الأطراف.

ويعني مبدأ  حياد القاضي  من جهة أن يقف القاضي موقفا  سلبيا  من أي من الخصمين  فيما يتعلق  بإثبات  الدعوى المعروضة  عليه وأن لا يتجاوز  ذلك بالاستجابة لأي أدلة  أحد الأطراف  إلا بعد تمكين الطرف الآخر من مناقشتها ومن هذه المعاني والغايات اجتمعت  كلمة الفقهاء  قديما وحديثا  بعدم  جواز أن يحكم القاضي  بعلمه الشخصي  لأن علمه  يشكل دليلا  في القضية  وهو ما يفرض مناقشته  من طرف الخصوم  مما ينزل  القاضي منزلة  أحد هؤلاء  فيكون خصما  وحكما في نفس الوقت.

ومبدأ  حياد القاضي يرتبط ارتباطا  وثيقا بالشعور  العام بالعدالة  الذي هو شعور الأفراد  بأن النظام  القضائي  عادل وأن القضاة  يعملون  بحياد ونزاهة ، هذا  الشعور ضروري لبناء الثقة  في النظام  القضائي  وتسهيل  عملية تطبيق القانون.

  ومما يثير الاستغراب والاهتمام  في هذا الصدد  صدور  قرار عن الغرف المجمعة  تحت رقم 12/06 يشوش على الأقل على مبدإ الشعور العام بالعدالة  خاصة في حيثيته  المؤسسة  لصحة المعاملة  بين الطاعنين  س و ص على أساس  أن المدعي يصدق هنا في قوله  لمطابقته  لما هو الأصل  في عقود المسلمين  من الصحة ولمطابقته  لماهو الغالب أيضا  فيما يقع من العقود بين أمثال طرفي  النزاع  من الزوايا  المحافظة  إذ  المعروف منهم أن يتحاشوا  صريح الحرام  المجمع عليه  في عقودهم.

  تظهر هذه  الحيثية  حجم خطورة  تأثير التراتبية  الاجتماعية   على النظام القضائي مما يشكل تحديا لتحقيق العدالة  والمساواة  بالرغم من وجود قوانين  تضمن استقلال القضاء وحياده  وعليه يتعين أن نعمل  معا على إعدام هذا  القرار والشطب عليه من السجلات والأرشيف ضمانا للحياد والاستقلالية.

 

القاضي : محمد بكار

اثنين, 07/07/2025 - 19:02