
تقديم
شهد العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة تحولًا جذريًا في مقاربة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (Lutte contre le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme – LBC/FT)، حيث لم يعد هذا المجال محصورًا في البعد الزجري التقليدي الذي يقوم على الملاحقة الجنائية فحسب، بل تجاوز ذلك نحو تبني مقاربة استخباراتية متقدمة ترتكز على التحليل الاستباقي للمخاطر، واستغلال المعلومات المالية بشكل منهجي في دعم اتخاذ القرارين الأمني والقضائي.
وقد أفرز هذا التحول نشوء علم مؤسسي متكامل يُعرف اليوم بـ«الاستخبارات المالية» (intelligence financière)، باعتباره أداة مركزية في حماية الأنظمة المالية ومكافحة التدفقات غير المشروعة ذات الطابع العابر للحدود.
لقد ساهمت مجموعة العمل المالي الدولية (Groupe d’Action Financière – GAFI/FATF)، إلى جانب الهيئات الإقليمية المنبثقة عنها، في ترسيخ الإطار المعياري لهذا التحول، من خلال توصياتها الأربعين التي أرست منظومة عالمية موحدة تجمع بين الرقابة المالية، والتبليغ عن العمليات المشبوهة (déclaration de soupçon)، والتحليل المالي الاستخباراتي، والتعاون الدولي.
وفي ظل هذا التوجه، انتقلت معظم الدول من النموذج الزجري البحت إلى النموذج الاستخباراتي التكاملي (modèle de renseignement financier intégré)، القائم على مبدأ «المعلومة قبل الدعوى»، بحيث أصبح تحليل التدفقات المالية ومؤشرات الخطر وسلوكيات الأنشطة المشبوهة يشكل أساسًا لاتخاذ الإجراءات القضائية اللاحقة.
وفي هذا السياق الدولي المتطور، تبرز التجربة الموريتانية كإحدى التجارب الحديثة الواعدة في مجال ترسيخ مقاربة وطنية متقدمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فقد تبنّت موريتانيا منذ صدور القانون رقم 017/2019، المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منهجًا مؤسسيًا جديدًا يزاوج بين مقتضيات التشريع الوطني وأفضل الممارسات الدولية.
وجاء هذا القانون ليؤسس لنظام متكامل يحدد التزامات المؤسسات المالية والمهن غير المالية، ويعزز آليات التعاون والتنسيق بين السلطات المختصة، وخاصة بين النيابة العامة، والهيئات الرقابية، ووحدة التحقيقات المالية الموريتانية (Unité Mauritanienn d'Enquêtes Financières, UMEF ).
تعد وحدة التحقيقات المالية الموريتانية حجر الزاوية في هذا النظام الوطني، إذ تمثل الآلية الفنية والاستخباراتية المركزية المكلفة بتلقي وتحليل الإخطارات بالعمليات المشبوهة، واستثمارها استخباراتيًا عبر مقاربة تحليلية متعددة الأبعاد تجمع بين المعطيات المالية والمصرفية، والمعلومات الإدارية والأمنية والقضائية.
وقد أسهم المرسوم التطبيقي رقم 209/2023 في توضيح مهام الوحدة وصلاحياتها وهيكلتها، مما مكنها من الاضطلاع بدور فعّال في إنتاج المعرفة المالية الاستخباراتية (production du renseignement financier stratégique et opérationnel)، وربطها بالمستوى الوطني والدولي.
إن أهمية هذا التحول لا تكمن في الجانب القانوني فحسب، بل تتجلى في البعد الاستراتيجي الذي يجعل من الاستخبارات المالية أداة للوقاية والحماية في آن واحد.
فبينما يهدف التحليل المالي العملياتي (analyse financière opérationnelle) إلى كشف الأنشطة المشتبه بها في وقت مبكر، يسعى التحليل المالي الاستراتيجي (analyse stratégique du renseignement financier) إلى بناء رؤية وطنية شاملة حول أنماط المخاطر والتهديدات، وتوجيه السياسات العامة، ودعم صانعي القرار في مجال الأمن المالي والاقتصادي.
وعليه، يمكن القول إن موريتانيا، من خلال وحدة التحقيقات المالية الموريتانية، ومنظومتها القانونية والتنظيمية الحديثة، قد انخرطت بجدية في هذا التحول العالمي نحو مقاربة استخباراتية قائمة على المعلومة والتحليل، بدل المقاربة التقليدية القائمة على ردّ الفعل الزجري. وهو ما يؤهلها لأن تكون نموذجًا إقليميًا في الانتقال من ثقافة «التبليغ والامتثال» إلى ثقافة «التحليل والاستخبارات»، انسجامًا مع التوجهات الدولية في مجال LBC/FT، ومع مقتضيات السيادة الوطنية في حماية الاقتصاد من التدفقات غير المشروعة وتمويل الأنشطة الإجرامية والإرهابية.
I. الإطار العام لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في موريتانيا
تُعدّ مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (Lutte contre le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme – LBC/FT) أحد المكونات الأساسية للأمن الوطني الموريتاني، وركيزةً رئيسية لحماية النظام المالي من الاختراقات الإجرامية والتهديدات العابرة للحدود.
وقد جاءت المنظومة القانونية الموريتانية في هذا المجال، ممثلة بالقانون رقم 017/2019 والمرسوم التطبيقي له، لتؤسّس لنظام متكامل يجمع بين البعد الوقائي (dimension préventive) والبعد الزجري (dimension répressive).
1. الأساس التشريعي والتنظيمي للنظام الوطني
يستمد النظام الموريتاني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مرجعيته من مصدرين متكاملين:
- مقاصد الشريعة الإسلامية التي تقوم على مبدأ «صون المال وتنقيته من الحرام». فمفهوم التطهير المالي (Assainissement financier) في الشريعة يمثل الإطار الأخلاقي والقانوني لمكافحة الكسب غير المشروع، ويترجم في التشريع الوطني من خلال توسيع نطاق الجرائم الأصلية لغسل الأموال لتشمل كل كسب لا يستند إلى سبب مشروع أو يخالف مقتضيات الأمانة العامة.
- المعايير الدولية ممثلة فى التوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي ، ومن الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (Convention de Palerme, 2000)، واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (Convention de New York, 1999). وقد عمل المشرّع الموريتاني على دمج هذه الالتزامات ضمن إطار وطني ذي خصوصية قانونية مستمدة من المبادئ الدستورية والشريعة الإسلامية، وهو ما يضفي على المنظومة طابعًا مزدوجًا يجمع بين الانفتاح الدولي والخصوصية الوطنية.
نصّ القانون رقم 017/2019 على إنشاء آليات مؤسسية متخصصة، أبرزها وحدة التحقيقات المالية الموريتانية (Unité Mauritanienne d'Enquêtes Financières – UMEF)، باعتبارها الهيئة المركزية المكلّفة بتلقي وتحليل الإخطارات والمعاملات المشبوهة (déclarations de soupçon) الصادرة عن المؤسسات المالية وغير المالية. وقد جاء المرسوم التطبيقي اللاحق ليحدّد بدقة صلاحياتها وهيكليتها التنظيمية، مع تأكيد استقلاليتها الإدارية والمالية، وضمان اتصالها المباشر بالنيابة العامة والسلطات الرقابية.
2. الهندسة المؤسساتية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
يقوم النموذج الموريتاني على مبدأ التكامل الوظيفي بين مجموعة من الهيئات:
- وحدة التحقيقات المالية الموريتانية (UMEF) التي تضطلع بمهمة التحليل المالي التكتيكي (analyse tactique) والاستراتيجي (analyse stratégique).
- النيابة العامة بصفتها الجهة المختصة قانونًا بتحريك الدعوى العمومية واتخاذ الإجراءات القضائية بناءً على إحالات الوحدة.
- البنك المركزي الموريتاني والهيئات الرقابية، التي تسهر على الامتثال (conformité) والرقابة الوقائية على المؤسسات المالية.-
- الجهات الأمنية المتخصصة التي تتولى تنفيذ التحقيقات الميدانية استنادًا إلى التحليلات المالية الواردة من الوحدة.
هذا التوزيع المؤسسي يهدف إلى تحقيق التوازن بين السرية الاستخباراتية (confidentialité du renseignement) وفعالية العمل القضائي، من خلال تدفق منظم للمعلومات داخل ما يمكن تسميته بـ«سلسلة الاستخبارات المالية والقضائية» (chaîne du renseignement et de la justice pénale).
3. مقاربة الاستخبارات المالية في السياق الموريتاني
لقد تبنّت موريتانيا مقاربة «الاستخبارات المالية الموجَّهة» (intelligence-led financial approach)، وهي منهجية حديثة تقوم على استغلال المعلومات المالية ضمن استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الجريمة الاقتصادية. وتُعد وحدة التحقيقات المالية الموريتانية القلب النابض لهذه المقاربة، حيث تجمع بين التحليل الكمي (analyse quantitative) للبيانات المالية، والتحليل الكيفي (analyse qualitative) لأنماط السلوك الاقتصادي المشبوه.
يتيح هذا النموذج للوحدة القدرة على تحديد «البصمات المالية» (profils financiers) للمشتبه بهم، واستشراف المخاطر المستقبلية عبر ما يُعرف بـ«التحليل الاستراتيجي القائم على المخاطر» (analyse stratégique fondée sur les risques). ويُعتبر هذا النوع من التحليل من الأدوات الأكثر تطورًا لدى وحدات الاستخبارات المالية الحديثة، إذ يسمح بتوجيه السياسات العمومية والتخطيط الأمني والمالي على أساس علمي وموضوعي.
4. التحديات الراهنة وآفاق التطوير
رغم التقدّم الملموس في بناء المنظومة الوطنية، فإنّ التحديات القائمة ما تزال متعددة الأبعاد. أبرزها:
- محدودية الموارد التقنية والبشرية لوحدة التحقيقات المالية مقارنة بتعقيد الجرائم المالية العابرة للحدو
- الحاجة إلى تطوير قواعد البيانات الوطنية وربطها بأنظمة التحليل الذكي (data analytics). -
- ضعف التنسيق بين الجهات الرقابية والقضائية والأمنية في بعض مراحل معالجة البلاغات.
وفي المقابل، تفتح الإصلاحات الجارية فرصًا مهمة لتطوير نموذج وطني متكامل، يقوم على:-
- ترسيخ مبدأ «التحليل المالي كأداة استخبارية
- تعزيز التعاون الدولي عبر تبادل المعلومات مع الوحدات النظيرة ضمن إطار مجموعة Egmont
- إدماج التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في تحليل المعاملات المالية المعقدة؛
- إعداد استراتيجية وطنية شاملة لتقليص المخاطر المالية والاقتصادية.٨
إنّ هذه المقاربة الحديثة تجعل من موريتانيا فاعلًا مؤسسيًا صاعدًا في مجال الاستخبارات المالية على الصعيد الإقليمي، وتؤكد التزامها بتطبيق المعايير الدولية دون الإخلال بمرجعيتها القانونية والدينية. ومن ثمّ، يمكن القول إنّ مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لم تعد مجرّد التزام قانوني، بل أضحت خيارًا استراتيجيًا لحماية الأمن المالي والسيادة الاقتصادية للدولة.
II. منهجية الاستخبارات المالية الحديثة وأدوات التحليل الاستراتيجي
إن التحولات العميقة التي شهدها النظام المالي العالمي خلال العقود الأخيرة أفرزت واقعًا جديدًا يفرض على وحدات الاستخبارات المالية أن تتبنّى منهجيات تحليل متقدمة تتجاوز المقاربة التقليدية القائمة على معالجة البلاغات الفردية (approche réactive).
لقد أصبحت المنهجية الحديثة المعتمدة في هذا المجال تعرف باسم “المقاربة الاستخباراتية الموجَّهة” (intelligence-led approach)، وهي تقوم على مبدأ استباقي يجعل من تحليل المعلومات المالية وسيلة لتوقّع المخاطر وتوجيه السياسات العمومية قبل وقوع الجريمة.
1. مرتكزات المنهجية الحديثة
تعتمد المقاربة الحديثة في الاستخبارات المالية على ثلاثة مرتكزات رئيسية متكاملة:
أولًا: المقاربة القائمة على المخاطر (risk-based approach)
ترتكز هذه المقاربة على تصنيف مصادر الخطر المالي والإرهابي وفقًا لمستوى الخطورة، ونوع القطاع، وطبيعة العميل، ونمط المعاملة. وتهدف إلى تخصيص الموارد التحليلية حيث تكون المخاطر أكبر، بدل توزيعها بشكل متساوٍ وغير فعّال. وتعد هذه المنهجية من صميم توصية مجموعة العمل المالي رقم 1 التي توصي بتبنّي أنظمة تقييم وطني للمخاطر (Évaluation nationale des risques – ENR).
في الحالة الموريتانية، شرعت وحدة التحقيقات المالية الموريتانية في تطوير آلية دائمة لتقييم المخاطر الوطنية بالتعاون مع البنك المركزي، والنيابة العامة، وأجهزة الأمن، مما سمح بتوجيه التحليل المالي نحو القطاعات الأكثر هشاشة، مثل تحويل الأموال عبر القنوات غير الرسمية (hawala)، وأنشطة التجارة الخارجية ذات الطابع غير الشفاف.
ثانيًا: التحليل الاستخباراتي المندمج (integrated intelligence analysis)
تقوم هذه المقاربة على دمج البيانات المالية مع المعلومات غير المالية (الإدارية، الجمركية، العقارية، والاتصالات) داخل منظومة تحليل موحّدة. ويتيح هذا الدمج إمكانية بناء صورة شاملة عن السلوك المالي للأشخاص والكيانات محل الشبهة.
وقد طورت وحدات استخبارات مالية متقدمة مثل ( TRACFIN : (France و ( FINTRAC , ( Canad أنظمة تحليل آلي قادرة على اكتشاف الروابط الخفية بين المعاملات (analyse de corrélation automatique).
وهي أنظمة تحليل رقمي متكاملة مخصّصة لاكتشاف الروابط والأنماط المخفية بين البيانات المالية وغير المالية، وتعمل باختصار على المكوّنات والآليات التالية:
- مدخلات البيانات: تجميع ودمج مصادر متعددة (حركات الحسابات، بيانات العملاء KYC، سجلات المدفوعات، سجلات السجلّ التجاري، بيانات الاستخبارات المفتوحة) وتحويلها إلى صيغ قابلة للمعالجة.
- تطابق الكيانات (Entity Resolution): توحيد الهويات وربط الأسماء والعناوين والكيانات القانونية لتكوين ملف موحّد عن كل كيان.
- تحليل الارتباط (analyse de corrélation automatique / link & network analysis): بناء شبكة علاقات بين المعاملات والكيانات لاكتشاف سلاسل تحويلات غير مباشرة، وسلوكيات الوساطة أو الاستخدام المتكرر لذات الحسابات كـ«خيوط» تربط قضايا مشتبه بها.
- كشف الشذوذ والأنماط (Rules-based & ML/Statistical Anomaly Detection): مزيج من قواعد مسبقة (قواعد مؤسسية وتيبوغرافية) وتقنيات تعلم آلي لاكتشاف سلوكيات غير اعتيادية أو مطابقة لأنماط غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- تصنيف وتقييم الخطورة (Scoring & Prioritisation): احتساب درجات خطورة تلقائية لكل قضية/شبكة لتسهيل فرز التنبيهات وتوجيه الموارد للتحقيق.
- العرض والشرح (Visualization & Case Management): لوحات شبكة وتدفق معاملات وتقارير موجزة تمكّن محلّلي الوحدة من التدقيق، بناء الملفّات، وإعداد التقارير المالية المشبوهة (SARS).
بعبارة واحدة: هي منصات تحوّل بيانات متفرقة إلى خرائط علاقات وسِير معاملات قابلة للتحليل الآلي، تجمع بين قواعد مهنية وإحصاءات وآليات تعلم آلي لتمييز الروابط الخفية وتوليد تنبيهات مُصنّفة تيسر التتبع والتحقيق، مع ضرورة التقيّد بضوابط الحماية القانونية للبيانات والمسار القضائي في كل مرحلة.
أما في موريتانيا، فقد بدأتUMEF خطوات أولية في هذا الاتجاه عبر إنشاء قاعدة بيانات مشتركة مع السلطات الضريبية والبنك المركزي، في انتظار الانتقال إلى مرحلة التحليل المندمج المؤتمت (automatisation de l’analyse intégrée). والذى يعنى أتمتة ( التحكم الآلي )عملية تحليل البيانات المتعددة المصادر بشكل مترابط، بحيث تُنفَّذ تلقائيًا لاستخلاص العلاقات والأنماط والمؤشرات دون تدخل بشري مباشر
ثالثًا: التحليل الاستراتيجي (analyse stratégique)
يُعد التحليل الاستراتيجي أحد أهم أدوات الاستخبارات المالية الحديثة، إذ يسمح بتحديد الاتجاهات الكبرى للجريمة المالية على المستوى الوطني والإقليمي، ورصد أنماط جديدة من غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يتميّز هذا التحليل بقدرته على توجيه السياسات العمومية (politiques publiques) عبر تقارير دورية تُعرف في الممارسة الدولية باسم Rapports d’analyse stratégique.
وفي هذا الإطار، تمكّنت وحدة التحقيقات المالية الموريتانية من إعداد تقارير دورية ستساعد بلا شك السلطات القضائية والرقابية في توجيه الجهود نحو القطاعات ذات المخاطر العالية، كأنشطة الذهب والمعادن الثمينة والعقارات.
2. أدوات التحليل الحديثة
تُستخدم في مقاربة الاستخبارات المالية الحديثة مجموعة من الأدوات التقنية والمفاهيم الإجرائية التي أصبحت تشكل العمود الفقري للعمل التحليلي:-
- مؤشرات الإنذار المبكر (red flag indicators): وهي مجموعة من الإشارات الكمية والنوعية التي تشير إلى احتمال وجود نشاط مشبوه، مثل التحويلات المتكررة من حسابات منخفضة القيمة، أو العمليات التي لا تتناسب مع الوضع المالي للعميل.
- الملف المالي (profil financier): بناء نمط مالي وسلوكي للفرد أو الكيان محل التحليل، اعتمادًا على تاريخ معاملاته وعلاقاته البنكية والتجارية.
- خرائط المخاطر (cartographie des risques): تحديد المجالات الجغرافية والقطاعية التي تُشكّل بؤرًا محتملة لغسل الأموال أو التمويل غير المشروع.
- التحليل الشبكي (network analysis): تقنية تُستخدم لاكتشاف الروابط بين الأفراد والكيانات المالية عبر تحليل العلاقات المشتركة والمعاملات المتقاطعة.
- التحليل الآلي للبيانات (data mining & machine learning): الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحديد أنماط غير مرئية في الكم الهائل من البيانات المالية.
وقد بات اعتماد هذه الأدوات ضروريًا لوحدات الاستخبارات المالية، إذ لم يعد ممكناً تحليل آلاف البلاغات يدويًا في ظلّ تنامي حجم المعاملات الرقمية والافتراضية (transactions virtuelles).
3. نحو نموذج موريتاني متكامل للاستخبارات المالية
تسعى موريتانيا اليوم إلى ترسيخ نموذج وطني يقوم على التكامل بين الرؤية المؤسسية والقدرات التقنية. ويتّجه التفكير داخل UMEF إلى تطوير ما يمكن تسميته بـ«نظام الاستخبارات المالية المتكامل» (Système intégré du renseignement financier – SIRF-MAUR)، وهو تصور عملي يقوم على:
- إنشاء مركز وطني للبيانات المالية (centre national de données financières) يضمّ قواعد معلومات موحدة؛
- تطوير خوارزميات تحليل خاصة بالسياق الموريتاني؛
- وضع إطار قانوني واضح لتبادل المعلومات بين الهيئات الوطنية مع احترام مبدأ السرية المهنية؛
- تدريب المحللين الماليين على استخدام أدوات التحليل الرقمي والذكاء الاصطناعي؛
- تعميق التعاون مع الوحدات النظيرة في دول المنطقة لتبادل المؤشرات الاستخباراتية الإقليمية.
إن هذا التوجّه يعكس وعيًا متزايدًا بأنّ الاستخبارات المالية ليست مجرد آلية تقنية، بل هي ركيزة للسيادة الاقتصادية والأمن الداخلي، وأداة لإعادة تعريف العلاقة بين المال والعدالة في العصر الرقمي.
III. دور وحدة التحقيقات المالية الموريتانية في تعزيز المقاربة الاستخباراتية
تُعتبر وحدة التحقيقات المالية الموريتانية الفاعل المحوري في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في موريتانيا، وهي تمثل التجسيد المؤسسي لمبدأ الاستخبارات المالية (renseignement financier) بوصفها همزة الوصل بين القطاع المالي والسلطات القضائية والأمنية. وقد تطور دورها من مجرد هيئة تتلقى البلاغات (déclarations de soupçon) إلى مؤسسة وطنية ذات صلاحيات تحليلية واستراتيجية واسعة.
1. الإطار القانوني والمؤسسي لعمل الوحدة
أُنشئت UMEF بموجب أحكام القانون رقم 017-2019 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمرسوم التطبيقي رقم 2020-126، الذي حدّد تنظيمها الإداري ومهامها الأساسية. وتتمتع الوحدة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، وتخضع لوصاية البنك المركزى مع ضمان استقلالها الوظيفي في تحليل المعلومات.
ينصّ القانون على أن من مهامها الأساسية:
- تلقي وتحليل البلاغات عن العمليات المشبوهة (analyses opérationnelles)؛
- إعداد تقارير التحليل الاستراتيجي (analyses stratégiques)؛
- التعاون وتبادل المعلومات مع الوحدات النظيرة الأجنبية والمنظمات الدولية؛
- اقتراح سياسات وطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛
- تقديم نتائج التحليل إلى النيابة العامة عند توافر قرائن كافية على ارتكاب جريمة.
غير أن التطور العالمي لمهام وحدات الاستخبارات المالية جعل الحاجة ملحّة لتوسيع نطاق صلاحيات UMEF وتزويدها بأدوات تحليلية حديثة تُمكّنها من القيام بدورها الكامل ضمن منظومة intelligence financière moderne.
2. التحول من المقاربة التفاعلية إلى المقاربة الاستباقية
لقد اتسمت المرحلة الأولى من نشاط الوحدة في السنوات الأولى بطابع تفاعلي (approche réactive)، إذ كانت تركز على معالجة البلاغات المحالة من المؤسسات المالية بعد وقوع الشبهات. لكن مع تطور البيئة المالية وتزايد تعقيد أساليب غسل الأموال، فإنه يتعين على UMEFالإنتقال تدريجيًا نحو المقاربة الاستباقية (approche proactive)، التي تقوم على تحليل الاتجاهات العامة للسلوك المالي الوطني وتوقّع الأنماط المشبوهة قبل أن تتحول إلى جرائم فعلية.
ولتطليق هذه المقاربة فإنه يتعين إعتماد جملة من الإجراءات العملية، من أبرزها:
- إنشاء وحدة التحليل الاستراتيجي الداخلي (Cellule d’analyse stratégique interne) لتقييم المخاطر القطاعية؛
- تطوير قاعدة بيانات موحدة تربط بين البلاغات (STRs) والمعلومات الإدارية والقضائية؛
- اعتماد برامج تحليل شبكي (network analysis) لرصد الروابط الخفية بين الفاعلين الماليين؛
- المشاركة في إعداد التقييم الوطني للمخاطر (Évaluation nationale des risques – ENR).
تطبيق هذه الخطوات من شأنه أن يؤدى لإنتقالUMEF من مرحلة التفاعل المحدود إلى مرحلة إنتاج الذكاء المالي الوطني (intelligence financière nationale).
3. أدوات العمل الحديثة داخل الوحدة
يجب أن تعمل UMEF على تطوير منظومة تحليل قائمة على الدمج بين التقنية والخبرة البشرية، وتشمل أدواتها الرئيسية:
- التحليل التشغيلي (analyse opérationnelle): يتم من خلال فرق متخصصة تتعامل مع كل بلاغ وفق مصفوفة تقييم المخاطر (matrice d’évaluation du risque)، حيث تُحدَّد درجة الخطورة بناء على نوع العملية، الأطراف، وطبيعة النشاط.
- التحليل الاستراتيجي (analyse stratégique): يعتمد على جمع وتحليل البيانات الكمية من المؤسسات الخاضعة للقانون لرصد التوجهات العامة لغسل الأموال، مع إصدار تقارير دورية تُوجَّه إلى السلطات العليا.
- التحليل الموجه بالمخاطر (analyse basée sur le risque): يربط بين مؤشرات المخاطر القطاعية ونماذج الإنذار المبكر (indicateurs d’alerte précoce) لتحديد الأولويات التحليلية.
- التحليل الشبكي (analyse de réseau): تقنية تستخدمها الوحدة لاكتشاف العلاقات المعقدة بين الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين، خصوصًا في قضايا الشركات الواجهة (sociétés écrans) والتحويلات عبر وسطاء.
- منصة البلاغات الإلكترونية (plateforme électronique des déclarations de soupçon): التى تهدف إلى إتاحة الإبلاغ الآمن والفوري من قبل المؤسسات الخاضعة، وربطه آليًا بأنظمة التحليل.
4. التعاون القضائي والمؤسسي
إنّ نجاح الاستخبارات المالية لا يقتصر على قدراتها التحليلية الداخلية، بل يعتمد على مستوى التعاون مع السلطات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون. وفي هذا الإطار، أرست UMEF آليات تعاون فعالة مع النيابة العامة والبنك المركزي والمفتشية العامة للدولة وهيئات الرقابة المصرفية.
- على الصعيد القضائي: تُحيل الوحدة تقاريرها التحليلية إلى وكيل الجمهورية المختص عند توافر قرائن قوية على ارتكاب جريمة، مع مرفقات تحليلية تمكن من توجيه التحقيق المالي والقضائي بفعالية.
- على الصعيد المؤسسي: تشارك UMEF في اجتماعات اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (Comité National de LBC/FT), مما يضمن إدماج نتائج التحليل المالي في صياغة السياسات الوطنية.
- على الصعيد الدولي: ترتبط الوحدة بعلاقات تعاون مع وحدات أجنبية متعددة و تسعى جاهدة للإنضمام لمجموعة إگمونت (Egmont Group), وهو ما سيتيح لها تبادل المعلومات الاستخباراتية العابرة للحدود.
5. التحديات وآفاق التطوير
رغم الإنجازات المؤسسية، تواجه UMEF تحديات تقنية وبشرية تستوجب المعالجة في إطار خطة تطوير وطنية:
- الحاجة إلى منظومة معلومات مالية موحدة تربط جميع الجهات الخاضعة للقانون؛
- تطوير التحليل المؤتمت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (IA analytique);
- تعزيز الموارد البشرية من خلال التكوين المستمر في التحليل المالي والقضائي؛
- وضع آلية للمصادرة العكسية ترتكز على تحليل الثروات غير المبررة؛
- اعتماد مؤشرات أداء وطنية (KPIs) لقياس فعالية الاستخبارات المالية.
إنّ تطوير وحدة التحقيقات المالية الموريتانية وفق هذا الاتجاه سيجعلها نموذجًا إقليميًا متقدمًا في تطبيق مبادئ intelligence financière stratégique داخل إطار قانوني وشرعي وطني متماسك.
IV. المقترحات التشريعية والمؤسسية لتعزيز فعالية منظومة الاستخبارات المالية في موريتانيا
تهدف هذه المقترحات إلى سد الثغرات التشريعية، وتعزيز القدرات المؤسسية، ورفع مستوى الفعالية العملية لوحدة التحقيقات المالية الموريتانية وقد صيغت استنادًا إلى تحليل نقدي للقانون رقم 017/2019، والمرسوم التطبيقي رقم 209/2023، مع الاستفادة من أفضل الممارسات الدولية في مجال LBC/FT وتوصيات مجموعة العمل المالي (FATF).
IV.i إصلاح الإطار القانوني وتعزيز استقلالية وحدة التحقيقات المالية
- توسيع نطاق المؤسسات الخاضعة للقانون: - إدراج صريح للمهن غير المالية عالية الخطورة (DNFBPs)، بما في ذلك المحامون، الموثقون، المراجعون المحاسبيون، ومستشارو الضرائب عند إدارة أموال العملاء.
- تضمين مقدمي خدمات الأصول الرقمية (Virtual Asset Service Providers – VASPs) ضمن نطاق المؤسسات الخاضعة للقانون، لتغطية المخاطر المتصاعدة في هذا القطاع.
- تحديد عتبات مالية (Thresholds) إلزامية للمعاملات النقدية في قطاعات المعادن الثمينة، العقارات، والسيارات عالية القيمة.
- تعزيز العقوبات وتوسيع نطاق المصادرة:
- تشديد الحد الأدنى للعقوبات السالبة للحرية والغرامات بما يتناسب مع قيمة الأموال المغسولة أو الممول بها الإرهاب.
- إدراج آلية المصادرة العكسية (Non-Conviction Based Confiscation)، بحيث تقع مسؤولية إثبات مصدرالأصول على المتهم إذا لم تتوافق مع دخله القانوني، حتى في غياب إدانة جنائية نهائية.
- تعديل الإطار الرقابي للتجميد المؤقت للأموال:
منح UMEF صلاحية التجميد الاحترازي المؤقت للأموال المشبوهة لفترة أولية (مثلاً 7 أيام)، مع إخضاع أي تمديد لاحق لقرار قضائي.
IV.ii تطوير المقاربة الاستخباراتية وتعزيز قدرات التحليل المالي
- اعتماد المنهجية الموجهة بالمخاطر (Risk-Based Intelligence Approach):
- تصنيف القطاعات والأنشطة المالية حسب مستوى الخطورة، مع تخصيص الموارد التحليلية للأنشطة عالية المخاطر.
- إدماج نتائج التقييم الوطني للمخاطر (Évaluation Nationale des Risques – ENR) في صياغة السياسات والقرارات التحليلية للوحدة.
- تعزيز التحليل المندمج (Integrated Intelligence Analysis):
- ربط البيانات المالية بالمعلومات الإدارية والقضائية والجمركية ضمن قاعدة بيانات مركزية.
- استخدام تقنيات التحليل الشبكي (Network Analysis) لتحديد الروابط بين الأفراد الاعتباريين والطبيعيين والشركات الواجهة (sociétés écrans).
- إصدار أدوات تحليلية وإرشادية:
- إنشاء لائحة معاملات مشبوهة إرشادية (Red Flags Guide) مخصصة للسياق الموريتاني، تحتوي على مؤشرات كمية ونوعية.
- تطوير مؤشرات أداء (KPIs) لقياس فعالية التحليل المالي، مثل عدد البلاغات المعالجة ونسبة التحويلات المشبوهة التي أدت إلى فتح تحقيق جنائي.
IV.iii توطيد التنسيق بين الجهات القضائية والرقابية والأمنية
- تعزيز التعاون مع النيابة العامة والقضاء:
وضع آليات واضحة لإحالة التقاريرالتحليلية إلى وكيل الجمهورية أو النيابة المختصة مع تقديم مرفقات تحليلية دقيقة لدعم التحقيق المالي.
- التنسيق المؤسسي الداخلي:
- تنظيم اجتماعات دورية للجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (Comité National de LBC/FT)، بمشاركة جميع الجهات الرقابية، والقطاع الخاص، وممثلين عن القطاع المصرفي.
- تعزيز التعاون مع المفتشية العامة، البنك المركزي، ووزارة المالية لضمان تدفق سلس للمعلومات والبيانات.
- التعاون الدولي:
- تفعيل آلية تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الوحدات النظيرة في دول المنطقة، و ضمن إطار مجموعة إيغمونت
- تطوير اتفاقيات تعاون ثنائية ومتعددة الأطراف لتسريع الاستجابة للتحويلات العابرة للحدود ومكافحة التمويل الإرهابي.
IV.iv إدماج البعد التكنولوجي والذكاء الاصطناعي في التحليل المالي
تطوير منصة وطنية للإبلاغ والتحليل (National Financial Transparency Platform):
- ربط جميع المؤسسات المالية وغير المالية بالوحدة للإبلاغ الإلكتروني الآمن والفوري عن العمليات المشبوهة.
- دمج أنظمة التحليل الآلي (Automated Analytics Systems) لتحديد الأنماط غير المرئية في حجم كبير من البيانات المالية.
- اعتماد أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة (AI & Machine Learning):
تصميم خوارزميات تحليل استباقية لرصد التحويلات المشبوهة، والكشف عن الشبكات المالية المعقدة، وأنماط غسل الأموال الجديدة.
- برامج تدريبية متخصصة:
- تكوين مستمر للمحللين الماليين، قضاة النيابة العامة، وضباط الشرطة القضائية على استخدام أدوات التحليل الرقمي وكل البرامج والأنظمة الإلكترونية التي تُستخدم لمعالجة البيانات وتحليلها آليًا لاستخلاص الأنماط والعلاقات والمؤشرات وأساليب التحقيق المالي المعقد.
- إلزام المؤسسات الخاضعة بالقانون ببرامج تدريب سنوية لموظفي الامتثال (Compliance Officers) لتعزيز التبليغ الفعّال عن العمليات المشبوهة
V. الخاتمة
تُظهر هذه الدراسة أن القانون الموريتاني رقم 017/2019 والمرسوم التطبيقي رقم 209/2023 شكلا نقطة انطلاق مهمة لترسيخ منظومة وطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلا أنهما يظلان بحاجة إلى تحديثات تشريعية ومؤسسية لتواكب التطورات العالمية في مجال Lutte contre le blanchiment de capitaux et le financement du terrorisme – LBC/FT، وتعزيز فعالية وحدة التحقيقات المالية الموريتانية (Unité Mauritanienned'Enquête Financières –UMEF).
لقد أظهرت المقاربة التحليلية أن الفجوات الحالية تشمل:-
- نطاق المؤسسات الخاضعة للقانون غير مكتمل، خصوصًا فيما يتعلق بالمهن غير المالية عالية الخطورة (DNFBPs) ومقدمي خدمات الأصول الرقمية (VASPs).
- العقوبات والمصادرات التقليدية لا توفر الردع الكافي ضد الجرائم المالية المعقدة.
- الصلاحيات التحليلية والوصول إلى البيانات للوحدة محدودة، مما يقلل من سرعة الاستجابة وفعالية الاستخبارات المالية.
في المقابل، تبين أن اعتماد مقاربة استخباراتية استراتيجية، قائمة على التحليل الاستباقي للمخاطر، والربط بين المعلومات المالية والإدارية والقضائية، وتوظيف التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، يرفع مستوى الكشف المبكر عن العمليات المشبوهة، ويعزز قدرة النيابة العامة والقضاء على اتخاذ إجراءات فعالة ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما أبرزت الدراسة أهمية توطيد التعاون المؤسسي داخليًا بين السلطات القضائية والرقابية والأمنية، وخارجيًا مع الوحدات النظيرة دوليًا ضمن إطار مجموعة إيغمونت (Egmont Group)، ما يسهم في كشف الشبكات العابرة للحدود وتحقيق فعالية أكبر في تجميد ومصادرة الأصول غير المشروعة.
بناءً على ذلك، توصي الدراسة بما يلي:
- إصلاح تشريعي عاجل لتوسيع نطاق القانون وتحديد صريح للمهن والقطاعات عالية الخطورة، وإدراج آلية المصادرة العكسية (Non-Conviction Based Confiscation).
- تعزيز صلاحيات ووظائف وحدة التحقيقات المالية الموريتانية لتتمكن من الوصول الفوري إلى البيانات الحكومية، وتجميد الأصول المشبوهة بشكل احترازي، وتحليل المعلومات بشكل استباقي.
- اعتماد أدوات تحليل متقدمة، تشمل الذكاء الاصطناعي، التحليل الشبكي، ومنصة وطنية للإبلاغ والتحليل المالي، لضمان قدرة الوحدة على التعامل مع البيانات الضخمة والكشف عن الأنشطة غير المشروعة.
- برامج تدريبية مستمرة للقضاة، وكلاء النيابة، وضباط الشرطة القضائية، وكذلك موظفي الامتثال في المؤسسات الخاضعة للقانون، لتعزيز الفعالية التشغيلية للاستخبارات المالية.
- تفعيل مؤشرات أداء وطنية (KPIs) لمراقبة مدى نجاح التعديلات التشريعية والمؤسسية، بما يشمل: عدد البلاغات المعالجة ، نسبة التحقيقات التي تؤدي إلى إدانات ، وقيمة الأصول المصادرة.
إن تبني هذه التوصيات سيحول القانون الموريتاني من نص تشريعي تقليدي إلى أداة عملية واستراتيجية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما ينسجم مع المعايير الدولية ويعزز الحماية الوطنية للاقتصاد، ويضع موريتانيا في موقع قيادي إقليمي في مجال الاستخبارات المالية الاستباقية (Intelligence Financière Stratégique).
ملحق: التوصيات الاستراتيجية المقترحة
المجال
الثغرة الحالية
الإجراء المقترح
الأثر المتوقع
التشريع
نطاق المؤسسات الخاضعة محدود
توسيع نطاق القانون ليشمل DNFBPs وVASPs
زيادة الشمول والامتثال للمعايير الدولية
الصلاحيات
ضعف سلطة التجميد الاحترازي
منح UMEF صلاحية التجميد المؤقت دون إذن قضائي أولي
رفع سرعة الاستجابة العملياتية
التحليل
غياب التحليل المندمج
اعتماد التحليل المؤتمت المدمج للبيانات المالية وغير المالية
تحسين دقة الاكتشاف المبكر للعمليات المشبوهة
التعاون
ضعف الربط بين الجهات
تفعيل اللجنة الوطنية وتبادل المعلومات الدورية
رفع مستوى التنسيق المؤسسي
—————————
القاضى / محمدن الشيخ ، مكلف بمهمة لدى وزير العدل
عضو سابق فى وحدة التحقيقات المالية الموريتانية (خبير فى مكافحة مجال غسل الأموال و تمويل الإرهاب )
————————-
VI. المراجع
VI.i التشريعات والأنظمة الوطنية
- قانون رقم 017/2019 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
- المرسوم رقم 209/2023 الصادر بتاريخ 25 ديسمبر 2023، المحدد لصلاحيات وزير العدل وتنظيم الإدارة المركزية لقطاعه، الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
- القانون الجنائي الموريتاني (آخر نسخة محينة)، بما في ذلك المواد المتعلقة بالجرائم المالية وغسل الأموال.
- قانون مكافحة الفساد والثراء غير المشروع، الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
VI.ii الاتفاقيات والمعايير الدولية
- Groupe d’Action Financière (GAFI/FATF)، Recommandations du GAFI, 2023.
- United Nations Convention against Transnational Organized Crime (Palermo Convention), 2000.
- United Nations Convention against Corruption (UNCAC), 2003.
- International Convention for the Suppression of the Financing of Terrorism, 1999.
- Egmont Group of Financial Intelligence Units, Best Practices for Financial Intelligence Units, 2022.
- World Bank & IMF Guidance Notes on AML/CFT, 2021.
VI.iii الاتفاقيات الإقليمية والعربية
- اتفاقية الرياض للتعاون القضائي العربي، 1983.
- الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، 1994.
- الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال، 2004.
VI.iv الدراسات الأكاديمية والأبحاث
- Al-Qahtani, S., Intelligence Financière et lutte contre le blanchiment d’argent, Université de Tunis, 2020.
- FATF MENA, Analytical Report on Money Laundering Trends in North Africa, 2022.
- Mayah, O., Approche juridique et institutionnelle de la lutte contre le financement du terrorisme en Mauritanie, PAUWES Research Paper, 2024.
- Châabi, A., Financial Crime Investigation in Emerging Economies, University of Casablanca, 2021.
VI.v الأدلة الإرشادية والتقارير الرسمية
- FATF Guidance on Virtual Assets and VASPs, 2022.
- FATF Best Practices for Anti-Money Laundering Supervision of DNFBPs, 2020.
- World Bank – Technical Assistance Reports on AML/CFT in Africa, 2019–2023.
- Rapports annuels de l’Unité d’Investigations Financières Mauritanienne (UIF-M), 2019–2024.