تشجيع الاستثمار../محمد الأمين ولدلجويج

 

لم يعد تشجيع الاستثمار فكرة سطحية مفادها:
«لدينا موارد، تعالى وخذها مقابل تشغيل البعض ونسبة ضئيلة واترك لي الآثار البيئية».
هذه هي الترجمة  الشهيرة ل"شَوْرْ تَمْبَرْمَه زَيْنَة" لدينا: "لدينا معادن وصيد..."
هذا النمط من تشجيع الاستثمار بالنسبة لي صاحبه هو: 
ما بين سطحي، أو كان أعور فليحكم بما شاء.

لذا علينا التركيز على ما يلي:

 

1. المستثمر المحلي

الرهان الحقيقي يجب أن يكون على المستثمر الموريتاني،
فهو الأدرى بواقع السوق، والأكثر التزامًا تجاه وطنه، والأقدر على خلق فرص عمل حقيقية.
تشجيع المستثمر المحلي هو أساس بناء اقتصاد وطني قوي ومستقل.

 

2. مواكبة القطاعات للمؤسسات الوطنية

ينبغي أن ترافق كل وزارة أو قطاع مؤسستين وطنيتين على الأقل في مجال اختصاصها،
لدعمهما وتمكينهما من مواكبة السوق والمشاريع.

لكن الواقع اليوم مختلف تمامًا:
لا تعمل أي مؤسسة وطنية خاصة أو عمومية بشكل فعّال إلى جانب شركات كبرى مثل سنيم (SNIM)، أو سوملك (SOMELEC)، أو البريد والمواصلات، أو غيرها من المؤسسات العمومية الحيوية، كما هو معمول به في الدول المجاورة.
ولا يُعقل أن تكون هناك جهات رسمية تُعلن دعمها للقطاع الخاص، بينما لا يوجد أي تبنٍ فعلي للمؤسسات الوطنية ولا لأي مشروع يهدف إلى تحويل العقول والخبرات الوطنية نحو مجالات التكنولوجيا الحديثة.

نحن الدولة الوحيدة تقريبًا في المنطقة التي لا توجد فيها مؤسسة وطنية واحدة قادرة على المشاركة في مناقصة دولية،
وهذا مؤشر خطير يعكس غياب سياسة واضحة لمواكبة وتطوير مؤسساتنا المحلية.

لا يمكن أن تظل علاقة القطاع العام بالقطاع الخاص علاقة "توريد" فقط،
حيث يختصر دور القطاع الخاص على الوساطة بين الدولة وشركات أجنبية للحصول على الصفقات،
أو توريد سلع رديئة الصنع لا تضيف قيمة اقتصادية حقيقية.

 

3. تحديد مفهوم رجل الأعمال

من الضروري التمييز بين رجل الأعمال والتاجر:

التاجر يبحث عن الربح السريع والمضاربة.

أما رجل الأعمال فهو من ينشئ المشاريع ويخلق فرص العمل.
وبالتالي، يجب أن يُمنح الدعم والتشجيع لرجل الأعمال لأنه هو الذي يساهم في التنمية الحقيقية.

 

4. ربط وكالة الاستثمار بالتمويلات الدولية

يجب ربط وكالة الاستثمار مباشرة بالتمويلات التي تقدمها الهيئات الدولية للقطاع الخاص،
بدلاً من تركها تحت تصرف البنوك المحلية التي تستغلها للمضاربة أو تمويل مؤسسات تابعة لأصحابها.
ذلك يضمن عدالة التوزيع ويدعم المشاريع المنتجة بدل الاحتكارية.

 

5. الرقابة على البنوك المحلية وخفض الفائدة

ينبغي فرض رقابة حقيقية على البنوك لضمان توجيه التمويلات لرجال الأعمال الوطنيين،
مع العمل على خفض نسب الفائدة لتسهيل الوصول إلى التمويل وتحفيز الاستثمار.

 

6. التنسيق بين البنوك وصندوق الضمان ووكالة الاستثمار

من الضروري إنشاء آلية تنسيق فعالة بين:

البنوك المحلية،

صندوق الضمان الموريتاني،

وكالة الاستثمار،

وCdd.

هذا التكامل يخلق بيئة تمويلية متوازنة تتيح ولادة مؤسسات وطنية قادرة على المنافسة والاستدامة.

7. تفعيل إدارة المشاريع

تعيش الدولة انسدادًا هيكليًا على مستوى التنسيق بين القطاعات.
ويقتصر دور إدارات المشاريع على الدراسات بدل الربط بين الوزارات والمؤسسات لتنفيذ المشاريع فعليًا.
من هنا تأتي ضرورة إعادة تفعيل إدارة المشاريع لتكون حلقة وصل حقيقية بين القطاعات.

 

8. ضبط الاستثمار الأجنبي

يجب أن يتم الاستثمار الأجنبي في إطار قانوني واضح،
يضمن شراكة حقيقية تحقق المصلحة الوطنية وتحمي الموارد من الاستنزاف.
القاعدة يجب أن تكون:
الاستثمار مقابل الشراكة – بنسبة 50% على الأقل للشريك الوطني.

كما ينبغي إضافة مبدأ جديد أسميه: «إتاوة التقدم التكنولوجي»
أي أن يلتزم المستثمر الأجنبي بنقل جزء من المعرفة والخبرة والتكنولوجيا إلى البلد،
مقابل نسبة محددة من الأرباح.
فلا يجوز أن يبقى الاستثمار مجرد استغلال للموارد دون مردودٍ معرفي أو تكنولوجي،
بل يجب أن يكون وسيلة لتقدم البلاد وتكوين أجيال قادرة على الابتكار والإنتاج.

محمد الأمين لحويج آبيه

جمعة, 10/10/2025 - 23:20