إعادة إنتاج النخب وعلاقتها بالفساد في موريتانيا 2 /

 

مقاربة سوسيولوجية قانونية في ضوء تقرير محكمة الفساد

 

 

المقدمة العامة

تشكّل ظاهرة الفساد في موريتانيا إحدى الإشكاليات البنيوية التي تعيق تشكّل الدولة الحديثة وتكريس مبدأ سيادة القانون. فبرغم تعدد النصوص القانونية والإصلاحات الإدارية، ما تزال الممارسة اليومية تكشف عن حضور قوي لبنية اجتماعية تقليدية تتحكم في دوائر القرار والموارد العامة. هذه البنية، التي ترتكز على الولاءات القبلية والزبونية السياسية، تُعيد إنتاج نفسها باستمرار داخل مؤسسات الدولة، مفرغةً القانون من محتواه ومحوِّلةً الشرعية من نصٍّ مكتوب إلى شبكةٍ من المصالح والعلاقات.

لقد جاء تقرير محكمة الحسابات لسنتي 2022–2023 ليضع هذه الظاهرة تحت مجهر الوقائع الملموسة. فالتقرير — بوصفه الوثيقة الرسمية الأعلى في مراقبة المال العام — يكشف عن سلسلة من الاختلالات التي لا يمكن تفسيرها بالخلل الإداري وحده، بل تعكس في جوهرها نمطًا من إعادة إنتاج النخب التي تسيطر على دواليب الدولة عبر أدوات قانونية ظاهرية وآليات اجتماعية خفية.

يشير التقرير، في محاوره الأساسية، إلى جملة من الممارسات التي تُكرّس هذا النمط من الهيمنة، من أبرزها:

  1. إبرام صفقات بالتفاهم المباشر دون مبررات قانونية، خاصة في قطاعات حساسة كالصحة والطاقة.
     
  2. تجزئة العقود والنفقات لتفادي الرقابة وتوجيهها نحو فاعلين اقتصاديين محدّدين.
     
  3. غياب التوثيق المحاسبي الشامل لبعض النفقات أو الصفقات، مما يجعل التتبّع المالي والمساءلة القضائية صعبين.
     
  4. منح رخص استغلال منجمي دون استيفاء الشروط البيئية والقانونية، كما في حالة شوائب الفضة المرتبطة بعقود “تازيازت”.
     
  5. ضعف المتابعة الإدارية وغياب التقييم المستقل للمشاريع المنجزة، وهو ما يعكس تسيّبًا مؤسسيا يرتبط غالبًا بغطاء اجتماعي أو سياسي نافذ.
     

    هذه الوقائع ليست مجرد أخطاء إدارية، بل تمثل – في منظور علم الاجتماع السياسي – آليات اجتماعية لإعادة إنتاج النخب المهيمنة التي توظّف مؤسسات الدولة لتثبيت حضورها الرمزي والاقتصادي. وهنا تتقاطع السوسيولوجيا مع القانون: فالقانون، الذي يُفترض أن يكون أداة لضبط الفعل الاجتماعي، يتحول إلى واجهة شكلية تتيح إعادة إنتاج التفاوت والامتياز عبر وسائل قانونية أو شبه قانونية.

     من هنا، تسعى هذه الدراسة إلى تقديم قراءة سوسيولوجية قانونية متكاملة لظاهرة إعادة إنتاج النخب وعلاقتها بالفساد في موريتانيا، مستندة إلى تقرير محكمة الحسابات بوصفه وثيقة واقعية مرجعية، وإلى التراث النظري لعدد من المفكرين الكبار — من كارل ماركس إلى ميشال فوكو — لتفكيك العلاقة المعقدة بين البنية الاجتماعية، والنظام القانوني، وممارسة السلطة في السياق الموريتاني.

 

الفصل الأول: الإطار النظري — مفهوم النخبة وآليات إعادة إنتاجها في الفكر السوسيولوجي

أولًا: مفهوم النخبة وموقعها في البناء الاجتماعي

     تعدّ النخبة (L’élite) من أكثر المفاهيم إشكالية في علم الاجتماع السياسي، إذ تتداخل فيها الدلالات السياسية والاقتصادية والثقافية. فبحسب تعريف فيليفاريتو باريتو وغايتانو موسكا، تُشير النخبة إلى الأقلية التي تحتكر أدوات القرار والموارد داخل المجتمع، وتمتلك القدرة على توجيه المؤسسات لصالح مصالحها الذاتية. وهي، في نظرهم، نتاج طبيعي لأي نظام اجتماعي قائم على التفاوت في القوة والكفاءة.

     لكن هذا التصور الكلاسيكي، الذي يفترض النخبة كضرورة تنظيمية، سرعان ما واجه نقدًا عميقًا من قبل كارل ماركس الذي رأى أن النخب ليست تجسيدًا للكفاءة بل انعكاس لبنية السيطرة الطبقية، فـ«الأفكار السائدة في كل عصر هي أفكار الطبقة السائدة». ومن ثم فإن النخبة الاقتصادية — في رأيه — تفرض تصورها للعالم عبر أدوات القانون والدولة والإيديولوجيا، ما يجعل الفساد ليس مجرد انحراف عن القواعد، بل تجسيدًا لطبيعة الدولة الطبقية ذاتها.

     أما ماكس فيبر فقد قدّم منظورًا مغايرًا، إذ رأى أن سيطرة النخب لا تقوم فقط على الامتلاك المادي للثروة، بل على ما أسماه «الشرعية»؛ أي القدرة على جعل الطاعة مقبولة في نظر الخاضعين.

     فالسلطة الحديثة، بحسب فيبر، ترتكز على ثلاثة أنماط للشرعية: التقليدية (المستندة إلى العرف والمكانة)، والكاريزمية (المبنية على الشخصنة والرمز)، والعقلانية القانونية (المؤسَّسة على القواعد المكتوبة).

     والمجتمع الموريتاني، من هذه الزاوية، يعيش حالة انتقالية بين الشرعية التقليدية والعقلانية القانونية؛ حيث لم تنجح الدولة الحديثة بعد في تفكيك الروابط الأولية التي تمنح شرعية بديلة للنخب التقليدية.

ثانيًا: النخبة في المجتمعات الانتقالية — المقاربة الماركسية–الفيبريّة الموريتانية

     في موريتانيا، تُعيد النخبة إنتاج نفسها من خلال السيطرة على أجهزة الدولة وتطويعها وفق منطق الولاء والقرابة.

    وتؤكد نظرية أنطونيو غرامشي حول «الهيمنة الثقافية» هذا المعطى حين يرى أن الطبقة المهيمنة لا تفرض سيطرتها بالقوة فحسب، بل عبر بناء منظومة رمزية تجعل الخضوع طوعيًا من خلال المدرسة، والإدارة، والإعلام، والدين. وبذلك يصبح القانون نفسه جزءًا من جهاز الهيمنة، يُستخدم لتبرير امتيازات النخبة وإضفاء الشرعية على ممارساتها.

     ويضيف بيير بورديو بُعدًا آخر من خلال مفهومه عن «رأس المال الرمزي» و«العنف الرمزي». فالنخب الموريتانية — من منظور بورديوي — لا تحتكر الموارد الاقتصادية فقط، بل الرموز الثقافية والاجتماعية التي تمكّنها من فرض تعريفها للشرعية والكفاءة والنزاهة.

     فالفاسد، في هذا السياق، لا يظهر كمنتهك للقانون، بل كفاعل “شرعي” ضمن شبكة قيم مقلوبة تجعل الإثراء غير المشروع علامة على النجاح لا على الانحراف.

     أما ميشال فوكو فقد أعاد تعريف الفساد في ضوء مفهومه للسلطة بوصفها شبكة لا تُمارس من الأعلى فحسب، بل تتخلل النسيج الاجتماعي والإداري.

     فالفساد — وفق المنظور الفوكوي — ليس خروجًا عن القانون، بل ممارسة «من داخل القانون»، تُعيد إنتاج السيطرة عبر آليات دقيقة للمعرفة والإجراءات البيروقراطية، وهو ما يتجلى بوضوح في الحالات التي رصدها تقرير محكمة الحسابات، حيث تُوظَّف القوانين المالية نفسها لتغطية الممارسات غير المشروعة باسم الشرعية الشكلية.

ثالثًا: الوظيفة الاجتماعية للفساد في ضوء نظرية دوركايم

     يذهب إميل دوركايم إلى أن الانحرافات والظواهر الشاذة ليست دائمًا سلبية؛ بل تؤدي وظيفة اجتماعية لأنها تكشف حدود المسموح والممنوع.

      ووفق هذا المنظور، يمكن اعتبار الفساد في موريتانيا «مؤشرًا» على أزمة انتقال من نمط التضامن الميكانيكي (القائم على القرابة والقبيلة) إلى التضامن العضوي (القائم على التعاقد والقانون).

      غير أن هذا الانتقال، كما يظهر من تحليل التقرير، لم يكتمل بعد: فالممارسات الإدارية ما تزال مشدودة إلى المنطق التقليدي الذي يجعل الولاء أهم من القاعدة القانونية، في حين أن البنية التشريعية نفسها تظل عاجزة عن فرض قيم العدالة والشفافية لغياب مؤسسات مستقلة وقوية.

رابعًا: نحو مقاربة مركّبة — من البنية إلى الفعل

     لذلك، فإن تحليل الفساد بوصفه مجرد انتهاك للقانون لا يكفي، بل يجب فهمه كنتاج تفاعل بين البنية الاجتماعية التقليدية والمنظومة القانونية الحديثة. فالقانون في المجتمع الموريتاني، كما في مجتمعات ما بعد الاستعمار، يعيش تناقضًا مزدوجًا:

- من جهة، هو أداة لتحديث الدولة وتقنين العلاقات؛
- ومن جهة أخرى، هو وسيلة لإعادة إنتاج البنية القديمة في قالب قانوني جديد.
 

     وهنا تبرز أهمية الجمع بين المنهجين السوسيولوجي والقانوني: الأول لفهم آليات السيطرة، والثاني لتحديد سبل تفكيكها وإعادة بناء الشرعية على أساس المساواة والمساءلة.

 

الفصل الثاني: تجليات إعادة إنتاج النخب في الواقع الموريتاني على ضوء تقرير محكمة الحسابات

أولاً: منطق الامتياز القانوني كآلية للهيمنة

     يُظهر تقرير محكمة الحسابات أن جزءًا كبيرًا من ممارسات الفساد في موريتانيا لا يتم خارج الإطار القانوني، بل من داخله.  فالصفقات العمومية تُبرم في الغالب عبر إجراءات رسمية مكتوبة، لكن بتأويلٍ انتقائي يفرّغ النصوص من مقاصدها.

    وهذا ما يسميه ماكس فيبر بـ«عقلنة الهيمنة»، حيث تستخدم البيروقراطية الحديثة القواعد نفسها لتبرير السيطرة بدل الحدّ منها.

     فعلى سبيل المثال، ورد في التقرير أن وزارة الصحة أبرمت عدة صفقات بالتفاهم المباشر لاقتناء مستلزمات تصفية الكلى وأجهزة طبية دون أن تتوفر فيها الشروط الاستثنائية التي يجيزها القانون (كحالة الكوارث أو الندرة). غير أن الإجراء تمّ استنادًا إلى تأويل واسع للمادة المتعلقة بـ«الاستعجال»، مما مكّن مجموعة محدودة من الموردين من احتكار العقود.

     هنا تتجلى آلية الشرعنة الشكلية للفساد: أي استخدام القانون كغطاء لإعادة توزيع الموارد ضمن شبكات الولاء الإداري والاقتصادي، بما يسمح للنخب بتجديد سيطرتها دون خرقٍ مباشر للنصوص.

ثانيًا: الفساد كعلاقة تبادلية بين المركز والمحيط

     يُظهر التقرير أن العديد من البلديات والمؤسسات المحلية لم تسجّل نفقاتها أو صفقاتها في السجلات الرسمية، وأنها لجأت إلى متعاملين بلا هوية ضريبية واضحة. هذه الممارسة، التي قد تُفسَّر إداريًا على أنها إهمال أو جهل بالقانون، تعبّر في الواقع عن استمرار نمط من العلاقات الزبونية بين النخب المركزية والمحلية.

      من منظور إميل دوركايم، يمكن تفسير ذلك بوجود تداخل بين نظامين للتضامن :  تضامن تقليدي قائم على القرابة ،  تضامن حديث قائم على القانون.

     غيرأن النخب في المركز، بدلاً من ترسيخ النمط الحديث، تلجأ إلى تثبيت النمط التقليدي كوسيلة للسيطرة السياسية والاجتماعية، إذ تضمن ولاء الجماعات المحلية عبر ترك مساحات رمادية من “المرونة القانونية” التي تسمح بالتغاضي المتبادل عن المخالفات.

     وهكذا يتحول الفساد إلى لغة تواصل غير معلنة بين المركز والقاعدة، تضمن استمرار التوازن الاجتماعي والسياسي في مجتمع لم تُحسم فيه بعد شرعية الدولة الحديثة.

ثالثًا: الدولة كأداة لإعادة إنتاج النخبة الاقتصادية

     من بين أبرز ما كشفه التقرير أيضًا وجود حالات تجزئة مصطنعة للعقود والنفقات في قطاعات اقتصادية كالتجهيز والطاقة، وذلك لتفادي عتبة المراقبة المسبقة أو لتمكين شركات محددة من الحصول على صفقات دون منافسة.

     هذه الممارسة تُحيلنا إلى ما وصفه كارل ماركس «تحالف رأس المال والبيروقراطية»، حيث تتحول الدولة من إطار قانوني محايد إلى أداة لتكريس السيطرة الطبقية عبر إعادة توزيع المال العام لصالح الفئات القريبة من السلطة.

     كما يوضح نوربرت إلياس في تحليله للدولة الحديثة، أن عملية تشكّل الدولة تمر بمرحلة «احتكار شرعي للموارد»، لكن في الحالة الموريتانية لم يتحقق هذا الاحتكار لصالح المصلحة العامة، بل لصالح شبكات متداخلة من النخب الإدارية والاقتصادية التي تتناوب على إدارة الريع العمومي.

رابعًا: البنية الاجتماعية للفساد – الفاعل كمنتَج للنسق

     يشير التقرير إلى أن بعض العقود أُبرمت مع موردين غير معروفين، دون وثائق محاسبية أو تعريف ضريبي، ومع غياب كامل للشفافية في التنفيذ. غير أن الفاعلين في هذه العمليات لا يرون أنفسهم كمفسدين، بل كجزء من نظام عمل مألوف.

     وهذا ما يُبرز الفكرة التي طرحها بيير بورديو حول «العنف الرمزي»: إذ تُنتج البنية الاجتماعية أنماطًا من الإدراك تجعل الفاعلين يشاركون في إعادة إنتاج النظام الذي يهيمن عليهم دون وعي.

      فالموظف الصغير الذي يمرر صفقة غير قانونية، أو المقاول الذي يتواطأ مع الإدارة، ليس بالضرورة فاسدًا من منظور ذاتي، بل فاعلٌ اجتماعي يلتزم بقواعد غير مكتوبة تمليها الثقافة الإدارية الموروثة.

      إن هذه الثقافة — كما وصفها ميشال كروزييه في كتابه Le phénomène bureaucratique — تنشأ حين يُستخدم الغموض التنظيمي كأداة للسلطة. فكلما كانت القواعد معقّدة وغير محددة، زادت قدرة النخب على التحكم في مسار القرار، لأن الفجوة بين النص والتطبيق تُملأ بالولاء الشخصي لا بالكفاءة المؤسسية.

خامسًا: التواطؤ البنيوي بين القانون والعرف

     يُظهر التحليل أن الدولة الموريتانية، في بنيتها العميقة، ما تزال تعمل وفق منطق مزدوج: فهي تتبنى مؤسسات وقوانين حديثة، لكنها تخضع — في ممارستها الفعلية — للمنظومات التقليدية للولاء والقرابة. هذا التوازي يولّد ما يسميه ميشال فوكو بـ«السلطة المزدوجة»، حيث تتعايش سلطة القانون وسلطة العرف داخل الحقل نفسه.

     ففي منح رخص الاستغلال المنجمي دون دراسات أثر بيئي مكتملة، كما سجّله التقرير، نرى كيف يُقدَّم القرار الإداري باعتباره إجراءً تقنيًا بينما يخفي في جوهره تسوية اجتماعية وسياسية بين الفاعلين الأقوياء.

     فالمخالفات البيئية لا تُعدّ انحرافًا بقدر ما هي نتيجة منطقٍ توافقي يُجنّب الصدام بين النخب الاقتصادية والبيروقراطية، ويُعيد إنتاج نفوذها في إطارٍ “مقنن”.

سادسًا: القراءة القانونية – من الانحراف الإجرائي إلى المسؤولية البنيوية

     من الزاوية القانونية، فإن الأفعال التي وردت في التقرير — كإبرام صفقات دون منافسة، أو غياب التوثيق، أو تجاهل الرقابة المسبقة — تشكل مخالفات إدارية ومالية وجنائية بموجب القوانين الموريتانية (مدونة الصفقات، وقانون مكافحة الفساد رقم 014/2016، وغيرها).

     لكن الإشكال لا يكمن فقط في ضعف تطبيق النصوص، بل في كون البنية المؤسسية نفسها تشجع على الاستثناء الدائم.

     فالقانون يُفرّغ من محتواه حين يُستخدم لتبرير الإعفاء أو التسوية أو إعادة الجدولة دون محاسبة، ما يجعل الفساد «نظامًا من التسويات القانونية» أكثر منه خرقًا للقانون.

     وهنا نستحضرالتحليل الذي قدّمه أنطونيو كاسيزرعن الدولة الحديثة بوصفها نظامًا من الرموز؛ فإذا فُقدت القيمة الرمزية للقانون كأداة للعدالة، تحوّل إلى أداة شكلية لتجميل ممارسات القوة.

سابعًا: رمزية السلطة وتجدد النخبة

     يُظهر تقرير محكمة الحسابات أن أغلب المخالفات لا تنتهي إلى عقوبات فعلية، بل إلى «ملاحظات» تُؤجَّل معالجتها أو تُسوى إداريًا. هذا النمط من الإفلات لا يعكس ضعفًا قانونيًا فقط، بل رمزية متجذرة للسلطة في المخيال الاجتماعي الموريتاني، حيث تُفهم المناصب والموارد العمومية كامتيازات لا كمسؤوليات.

     وكما أشار إدوارد سعيد في تحليله لتمثلات السلطة، فإن النخب في المجتمعات ما بعد الكولونيالية تُعيد إنتاج خطابها الشرعي عبر مزيج من الرموز التقليدية والإدارية الحديثة، ما يجعل نقدها أو مساءلتها يُنظر إليه كتهديد للنظام لا كتصحيح له .

 

الفصل الثالث: نحو فهم مركب للفساد بوصفه نظامًا اجتماعيًا وقانونيًا

أولًا: الفساد كمنظومة لا كحادثة

     من منظور سوسيولوجي، لا يمكن فهم الفساد في موريتانيا كأفعال معزولة تصدر عن أفراد، بل كنظام متكامل من القيم والممارسات والعلاقات المتشابكة التي تضمن استمراريته.

     فالنخب التي تستفيد من الوضع القائم لا تعمل بالضرورة كـ«عصابة منظمة»، بل كشبكة متداخلة من الفاعلين الذين يشتركون في تصور موحّد حول معنى المنفعة، وموقع القانون، وحدود الرقابة.

     وهذا ما عبّر عنه بيير بورديو حين وصف الحقول الاجتماعية بأنها فضاءات للصراع من أجل رأس المال (الاقتصادي، الاجتماعي، الرمزي).

     فالفساد، في الحالة الموريتانية، ليس مجرد وسيلة لإثراء غير مشروع، بل هو استراتيجية نخبويّة للحفاظ على رأس المال الرمزي الذي يُترجم في شكل نفوذ سياسي أو قبلي أو إداري.

     فمن خلال التحكم في الصفقات والرخص والعلاقات البيروقراطية، تضمن النخبة المهيمنة استمرار حضورها وتوارث مواقعها، فيما تُبقي النخبة الصاعدة في حالة تبعية دائمة، بحثًا عن “رضا” السلطة ومشاركتها في الامتيازات.

ثانيًا: البنية القانونية بوصفها أداة لإدامة النظام الاجتماعي

    من الزاوية القانونية،يُفترض في النصوص المنظمة للصفقات العمومية ومكافحة الفساد أن تشكّل حاجزًا ضد سوء التسيير، غير أن ما يكشفه تقرير محكمة الحسابات هو أن القانون نفسه يُستخدم لتأمين الحماية للنخب، عبر ثغرات مقنّنة تجعل المسؤولية الإدارية قابلة للتأجيل أو التبديد.

     فالمخالفات التي تُسجّلها المحكمة كثيرًا ما تنتهي إلى ملاحظات تصحيحية دون جزاءات، مما يفرغ مبدأ المحاسبة من محتواه، ويحوّل الرقابة إلى إجراء رمزي.

     هذا الوضع يعيدنا إلى تحليلات ماكس فيبر حول البيروقراطية كآلة عقلانية يمكن أن تُصبح في غياب الضبط الأخلاقي «قفصًا حديديًا» يكرّس التسلط بدل الحد منه. فالمؤسسات القانونية الموريتانية، في ممارستها، تبدو أقرب إلى هذا القفص الحديدي الذي يُشرعن الامتياز ويحوّل الاستثناء إلى قاعدة.

ثالثًا: الدينامية الاجتماعية لإعادة إنتاج الفساد

     تُظهر التجربة الموريتانية أن الفساد يتغذّى من تفاعل متبادل بين ثلاث دوائر متداخلة:

  1. الدائرة السياسية، التي تستخدم موارد الدولة لتثبيت الولاءات الانتخابية والقبلية؛
     
  2. الدائرة الإدارية، التي تُعيد إنتاج النخبة البيروقراطية عبر المحسوبية والتعيين غير الموضوعي؛
     
  3. الدائرة الاقتصادية، التي تُعيد توزيع الريع في شكل صفقات وعقود وشراكات شبه احتكارية.
     

     هذه الدوائر لا تعمل بمعزل عن بعضها، بل وفق ما يسميه أنطونيو غرامشي بـ«الكتلة التاريخية»، أي التحالف الضمني بين القوى المسيطرة اقتصاديًا وثقافيًا لتثبيت نموذج السلطة.

     ومن هنا، يصبح الفساد ليس نقيضًا للقانون، بل مكوّنًا من مكوّنات الشرعية السائدة؛ إذ إن البقاء في المنصب أو في السوق يتطلب الانخراط في شبكات المصالح التي تُعيد إنتاج ذاتها جيلاً بعد جيل.

رابعًا: المقاربة الوظيفية للفساد – بين الاستقرار والجمود

     إذا أخذنا برؤية إميل دوركايم عن الظواهر الاجتماعية بوصفها حقائق كلية تفرض نفسها على الأفراد، أمكن القول إن الفساد في موريتانيا يؤدي وظيفة مزدوجة: فهو، من جهة، يضمن توازن النظام الاجتماعي عبر تبادل المنافع بين النخب والقاعدة؛ ومن جهة أخرى، يُعيق التغيير البنيوي لأنه يُعيد إنتاج نفس علاقات القوة.

فبقدر ما يسمح الفساد بتوزيع المنافع بما يجنّب الصدام، بقدر ما يُفرغ القانون من محتواه الردعي، ويحول دون ترسيخ فكرة المساواة أمام المؤسسات.

ويشير تالكوت بارسونز إلى أن النظم الاجتماعية تسعى إلى الحفاظ على التوازن الداخلي عبر “آليات تكيف” (adaptation). ويمكن النظر إلى الفساد في هذا الإطار كآلية تكيف مشوّهة سمحت للنظام السياسي الموريتاني بالبقاء، لكنها في الوقت ذاته جعلته عاجزًا عن التطور نحو نمط قانوني عقلاني مستقر.

خامسًا: فوكو وتحليل السلطة الدقيقة – الفساد كإدارة للحقيقة

يقدّم ميشال فوكو منظورًا بالغ الدقة في تفسير الفساد باعتباره «نظامًا لإدارة الحقيقة». فالمؤسسات لا تُنتج فقط قرارات مالية، بل تُنتج خطابات تُحدّد ما هو مشروع وما هو غير مشروع.

وتقرير محكمة الحسابات، في هذا المعنى، لا يكشف فقط عن الأرقام، بل عن المنطق الداخلي للسلطة التي تمارس الرقابة لتعيد من خلالها إنتاج نفسها: إذ يظل الخطاب الرقابي ضمن حدود لا تمسّ جوهر النظام، بل تعيد ضبطه شكليًا حفاظًا على استمراريته.

وبذلك يصبح الفساد أسلوب حكم (gouvernementalité)، لا انحرافًا عن الحكم؛ إذ يُستخدم لتوزيع الولاءات وتحديد مساحات النفوذ وضبط التوازنات داخل الحقل السياسي–الإداري. فكما قال فوكو، «السلطة لا تُمارس فقط بالقانون، بل بالمعرفة والتنظيم».

سادسًا: التحليل القانوني–المؤسساتي — بين النص والواقع

من حيث المبدأ، تمتلك موريتانيا منظومة قانونية متقدمة نسبيًا في مجال مكافحة الفساد: فالقانون رقم 014/2016 يجرّم الرشوة واستغلال النفوذ وتضارب المصالح، ويفرض على السلطات الرقابية التبليغ والمتابعة. غير أن التطبيق العملي لهذه النصوص يظل محدودًا، بسبب ضعف استقلال القضاء، وتداخل السلطات، واستمرار منطق الاستثناء الإداري الذي يُستخدم لتبرير المخالفة.

تقرير محكمة الحسابات يبرز هذا التناقض بوضوح: فبينما تُعلن الدولة التزامها بالحوكمة والشفافية، تُمارس مؤسساتها إجراءات تتعارض مع روح القانون.

وهنا يمكن استحضار ما قاله جان جاك روسو في العقد الاجتماعي حين اعتبر أن الفساد يبدأ حين «يصبح القانون سيدًا بالاسم لا بالفعل».

سابعًا: الازدواجية الشرعية وغياب الرأسمال الأخلاقي

من الناحية السوسيولوجية، يعاني النظام الإداري الموريتاني من انقسام في الشرعية بين شرعية تقليدية تستمد قوتها من الانتماء القبلي أو الجهوي، وشرعية قانونية حديثة تقوم على الكفاءة والنزاهة.

لكن هذه الأخيرة تظل هشة لضعف ما يمكن تسميته بـ«الرأسمال الأخلاقي» للمؤسسات؛ أي التزامها الذاتي بقيم العدالة والشفافية.

وهذا ما يجعل الفساد ليس مجرد انتهاك خارجي، بل نقصًا في البناء القيمي للدولة نفسها، كما ذهب إلى ذلك مايكل والزر في تحليله للعدالة الاجتماعية حين قال إن «الفساد يبدأ عندما تفقد المؤسسات قدرتها على تبرير امتيازاتها أخلاقيًا».

ثامنًا: من التحليل إلى الإصلاح البنيوي

إن إدراك الفساد كنظام اجتماعي قانوني معقد يفرض مقاربة إصلاحية شمولية تتجاوز الردع الزجري إلى إعادة بناء الحقول الاجتماعية والقانونية على أسس جديدة.

فالإصلاح، في هذا المعنى، لا يكون فقط بإصدار تشريعات جديدة، بل بإحداث تحوّل في الثقافة الإدارية والسياسية، وبإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، بحيث تُستعاد للوظيفة العمومية قيمتها كخدمة عامة لا كامتياز خاص.

الفصل الرابع: النتائج العامة والمقترحات الإصلاحية

أولاً: النتائج العامة

1. الفساد ظاهرة بنيوية لا عرضية

يُظهر التحليل السوسيولوجي–القانوني أن الفساد في موريتانيا ليس ظاهرة عابرة أو مجرد سلسلة من المخالفات الإدارية، بل هو نظام اجتماعي مهيكل يعبّر عن اختلالات عميقة في توازن السلطة وتوزيع الموارد والشرعية. فهو جزء من عملية إعادة إنتاج النخب السياسية والاقتصادية، التي تستفيد من ضعف مؤسسات الرقابة لتجديد نفوذها ضمن حدود الشرعية الشكلية.

2. ازدواجية الشرعية بين التقليد والحداثة

تعيش الدولة الموريتانية وضعًا انتقاليًا بين نمطين من الشرعية:

  • الشرعية التقليدية القائمة على الولاء القبلي والجهوي والرمزي؛
     
  • والشرعية القانونية–العقلانية القائمة على الكفاءة والنزاهة.

     إلا أن الأولى ما تزال أكثر رسوخًا في الممارسة اليومية، مما يجعل القانون الحديث أداة شكلية لا تتجاوز حدود الشكل الإجرائي. هذه الازدواجية تُعيد إنتاج علاقة تبعية متبادلة بين النخبة الحاكمة ومحيطها الاجتماعي.
     

3. القانون كغطاء للفساد المؤسسي

لقد أظهر تقرير محكمة الحسابات أن القوانين والأنظمة، بدل أن تكون أدوات للردع، أصبحت في حالات عديدة وسائل للتمويه والشرعنة. فالمخالفات تُنفذ ضمن مساطر رسمية، وتُغلق ملفاتها بتسويات إدارية أو تأويلات قانونية مرنة، وهو ما يُفقد النصوص معناها الردعي ويجعل الرقابة أداة تبرير أكثر منها وسيلة مساءلة.

4. البيروقراطية الموريتانية كنسق مغلق

من خلال تحليل الوقائع الواردة في التقرير، يمكن ملاحظة أن الإدارة الموريتانية تتسم بما وصفه ميشال كروزييه بـ«الدائرة البيروقراطية المغلقة»، حيث تتغذى السلطة من الغموض التنظيمي ومن قابلية الإجراءات للتأويل. ونتيجة لذلك، تصبح كل محاولة للإصلاح الداخلي جزءًا من إعادة إنتاج الأزمة ذاتها.

5. الفساد كآلية توازن اجتماعي

على المستوى السوسيولوجي، يؤدي الفساد وظيفة مزدوجة: فهو من جهة يُعيد إنتاج النخبة من خلال توزيع المنافع داخل شبكات الولاء، ومن جهة أخرى يحافظ على السلم الاجتماعي عبر إتاحة فرص جزئية للاندماج في الريع. هذه الوظيفة تجعل مقاومته صعبة دون بدائل واقعية لإعادة توزيع الموارد على أسس شفافة وعدالة مؤسسية.

6. غياب الرأسمال الأخلاقي للمؤسسات

تفتقر المؤسسات العامة إلى ما يمكن تسميته بـ«الضمير المؤسسي»، أي الإيمان الذاتي بقدسية المرفق العام واستقلاليته. وهذا الغياب يعكس أزمة في تكوين النخبة الإدارية نفسها، التي لم تُبنَ على أساس مهني أو أكاديمي واضح، بل على الولاء والقرابة.

ثانيًا: المقترحات الإصلاحية

انطلاقًا من هذه النتائج، يمكن اقتراح مجموعة من التدابير المتكاملة، تجمع بين الإصلاح القانوني، والإصلاح المؤسسي، والتحول الثقافي والاجتماعي.

1. على المستوى القانوني

  1. مراجعة مدونة الصفقات العمومية لإغلاق منافذ التأويل الفضفاض لعبارات مثل “الاستعجال” و”التفاهم المباشر”، وربطها بضوابط موضوعية وقابلة للقياس.
     
  2. تعزيز سلطات محكمة الحسابات من خلال منحها حق الإحالة المباشرة إلى النيابة العامة في حالة الاشتباه في جرائم فساد جسيمة، بدل الاكتفاء بالتقارير التوصيفية.
     
  3. استحداث قضاء متخصص في الجرائم المالية (Chambres financières spécialisées) يضمن سرعة البت واستقلال التحقيقات، على غرار النموذج الفرنسي والمغربي.
     
  4. فرض إلزامية التصريح بالمصالح والممتلكات لجميع المسؤولين الإداريين والمنتخبين، وربط الإخلال به بالمسؤولية الجنائية المباشرة.
     

2. على المستوى المؤسسي

  1. إعادة هيكلة نظام الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات العمومية بحيث يصبح مستقلاً عن التسلسل الإداري العادي، ويتبع مباشرة رئاسة الحكومة أو البرلمان.
     
  2. إنشاء نظام معلوماتي موحّد للصفقات العمومية يتيح تتبع مراحل التعاقد والإنجاز إلكترونيًا ويضمن الشفافية الكاملة للعمليات.
     
  3. تأسيس معهد وطني للتكوين في الحوكمة والنزاهة لتأهيل النخب الإدارية الجديدة، وربط الترقية الوظيفية بمعايير موضوعية قائمة على الكفاءة والأداء.
     

3. على المستوى الاجتماعي والثقافي

  1. إطلاق برامج وطنية للتثقيف القانوني والمدني تستهدف الشباب والموظفين والمقاولين المحليين، تُرسّخ ثقافة احترام القانون وتربط الفساد بالخيانة الأخلاقية لا بالذكاء الإداري.
     
  2. إعادة تعريف الوظيفة العمومية في الوعي الجمعي كمجال للخدمة لا كمنبع للامتياز، عبر حملات رمزية وإصلاحات تعليمية تبدأ من المدارس والمعاهد العليا للإدارة.
     
  3. دمج البنى التقليدية (القبلية والجهوية) في منظومة الدولة الحديثة بطريقة مؤسسية شفافة، بحيث تتحول الزعامات الاجتماعية إلى شركاء في التنمية بدل أن تبقى وسطاء في الفساد.
     

4. على المستوى الأخلاقي والقيمي

  1. تبنّي ميثاق وطني للنزاهة العمومية يضع معايير أخلاقية ملزمة لجميع العاملين في الدولة، ويُرسّخ ثقافة المساءلة الذاتية قبل المساءلة القانونية.
     
  2. ترسيخ مبدأ القدوة القيادية داخل المؤسسات العليا، بحيث تبدأ محاربة الفساد من القمة إلى القاعدة، وتُترجم النزاهة في الممارسة اليومية لا في الخطاب الرسمي فقط.
     

 

ثالثًا: نحو مقاربة إصلاحية شمولية

لا يمكن معالجة الفساد إلا في إطار مشروع وطني لإعادة بناء الشرعية السياسية والاجتماعية يقوم على ثلاث ركائز مترابطة:

  1. استقلال القضاء والرقابة؛
     
  2. إعادة توزيع السلطة والثروة على أسس العدالة والشفافية؛
     
  3. بناء ثقافة مدنية قانونية حديثة تُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والدولة على قاعدة الثقة والمساءلة.
     

فالمجتمع الذي يكتفي بإدانة الفساد دون تفكيك أسبابه البنيوية، يظل يدور في حلقة مغلقة من الإدانة والإعادة. أما المجتمع الذي يُدرك أن الفساد ليس جريمة قانونية فقط بل خلل في النظام الاجتماعي نفسه، فهو القادر على بناء دولة قانون حقيقية، لا بالردع فقط، بل بالتحوّل الثقافي والعدالة المؤسسية.

 

الخاتمة العامة

إنّ الفساد في موريتانيا، كما كشفت عنه الأدلة الواردة في تقرير محكمة الحسابات، ليس عَرَضًا جانبيًا لنقص في الكفاءة أو الشفافية، بل انعكاس لبنية اجتماعية–سياسية معقدة تخلط بين القانون والعرف، والشرعية التقليدية والحديثة، والوظيفة العمومية والمصلحة الشخصية.

وما لم تُكسر هذه الحلقة المفرغة بإصلاحات قانونية ومؤسسية وأخلاقية جذرية، فإن النخبة ذاتها ستظل تُعيد إنتاج نفسها جيلاً بعد جيل، بنفس الأدوات والأعذار، تحت مسمى «المصلحة الوطنية» حينًا، و«الضرورة الإدارية» حينًا آخر.

 

م ش م ش

———————

قائمة المراجع

أولًا: المراجع العربية

  1. ماركس، كارل. رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي. ترجمة فالح عبد الجبار. بيروت: دار الفارابي، الطبعة الثانية، 2008.
     
  2. ويبر، ماكس. الاقتصاد والمجتمع: الأشكال الأساسية للحياة الاجتماعية. ترجمة فؤاد زكريا. القاهرة: دار المعارف، 1992.
     
  3. دوركايم، إميل. تقسيم العمل الاجتماعي. ترجمة محمد الجوهري. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990.
     
  4. بورديو، بيير. العنف الرمزي. ترجمة عبد السلام بنعبد العالي. الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، 2001.
     
  5. فوكو، ميشال. المراقبة والمعاقبة: ولادة السجن. ترجمة جورج أبي صالح. بيروت: دار النهار، 1994.
     
  6. غرامشي، أنطونيو. دفاتر السجن. ترجمة فواز طرابلسي. بيروت: دار الفارابي، 2013.
     
  7. روسو، جان جاك. العقد الاجتماعي. ترجمة عادل زعيتر. القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1954.
     
  8. سعيد، إدوارد. الثقافة والإمبريالية. ترجمة كمال أبو ديب. بيروت: دار الآداب، 1997.
     
  9. والزر، مايكل. مناطق العدالة: دفاع عن التعددية والمساواة. ترجمة فؤاد عبد المطلب. بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2010.
     
  10. محكمة الحسابات الموريتانية. التقرير السنوي العام 2022–2023. نواكشوط: محكمة الحسابات، 2024.
     

 

ثانيًا: المراجع الفرنسية

  1. Crozier, Michel. Le phénomène bureaucratique: Essai sur les tendances bureaucratiques des systèmes d’organisation modernes et leurs relations en France. Paris: Seuil, 1963.
     
  2. Gramsci, Antonio. Cahiers de prison. Rome: Editori Riuniti, 1975.
     
  3. Elias, Norbert. La civilisation des mœurs. Paris: Calmann-Lévy, 1973.
     
  4. Foucault, Michel. Surveiller et punir: Naissance de la prison. Paris: Gallimard, 1975.
     
  5. Bourdieu, Pierre. La domination masculine. Paris: Seuil, 1998.
     
  6. Rousseau, Jean-Jacques. Du contrat social ou principes du droit politique. Paris: Gallimard, 1964.
     

ثالثًا: المراجع الإنجليزية

  1. Elias, Norbert. The Civilizing Process. Oxford: Blackwell, 1978.
     
  2. Parsons, Talcott. The Social System. New York: Free Press, 1951.
     
  3. Walzer, Michael. Spheres of Justice: A Defense of Pluralism and Equality. New York: Basic Books, 1983.
     
  4. Weber, Max. Economy and Society: An Outline of Interpretive Sociology. Berkeley: University of California Press, 1978.
     
  5. Marx, Karl. Capital: A Critique of Political Economy. Translated by Ben Fowkes. London: Penguin Classics, 1990.
    م ش م ش 

 

 

 

أحد, 12/10/2025 - 20:00