بمناسبة عيد الاستقلال الوطني، شعور يعكس روح الرجوع للأصول والرقي بالبلد

 

عيد الاستقلال الوطني… ماذا نريد في هذه المناسبة الغالية؟

يحلّ علينا عيد الاستقلال الوطني كل عام وهو يحمل في طياته رسالة عميقة تتجاوز مظاهر الاحتفال وألوان الرايات. إنّه ليس مجرد تاريخ نستعيد فيه ذكرى رحيل آخر جندي أجنبي عن أرضنا، بل هو موعد للمراجعة، وللسؤال الكبير: ماذا نريد لبلدنا؟ وكيف نعيد لروح الاستقلال معناها الحقيقي؟

لقد ضحّى جيل التأسيس من أجل أن نكون دولة حرة، وتركوا لنا أمانة ثقيلة، هي الوطن. واليوم، ونحن نواجه تحديات معقدة في البناء والتنمية والإدارة والوعي، أصبح واجبًا علينا أن نستعيد تلك الروح التي قادتهم، وأن نعود إلى جذورنا الأصيلة التي صنعت الإنسان الموريتاني: الصدق، الشهامة، الإخلاص، والبساطة التي لا تُهزم أمام محاولات التغريب والتشويه.

ما الذي نريده اليوم؟

نريد وطنًا يعلو فيه القانون، وتُحترم فيه المؤسسات، ويجد فيه كل مواطن مكانه دون ظلم أو محسوبية. نريد مسؤولًا يخاف الله في الناس، وموظفًا يتقن عمله، وشابًا يؤمن أنّ المستقبل يُصنع بالعلم والعمل لا بالأماني وحدها.

نريد تعليمًا يربي قبل أن يلقّن، ويُخرّج مواطنًا قادرًا على الإنتاج. نريد تكوينًا مهنيًا قويًا، وإدارة فعّالة، وإعلامًا يُوحّد ولا يُفرّق، وينقل الحقيقة بمسؤولية.

نريد وحدة وطنية لا تهزّها حملات الكراهية المفتعلة، ولا المصالح الضيقة؛ لأن استقلالنا الحقيقي يبدأ من لحظة إدراكنا أننا شعب واحد، له مصير واحد، يلتقي على كلمة سواء مهما اختلفت جهاته ولهجاته وثقافاته.

العودة إلى الأصول… طريق الرقي

الرقي الحقيقي لا يأتي بتقليد الآخرين، بل بمعرفة الذات واحترامها. موريتانيا بلد غني بتاريخه وعلمه وتراثه، وأصالته ليست عبئًا بل هي زاد المستقبل. العودة إلى الأصول تعني:

تعزيز قيم العدالة والإنصاف.
احترام الكبير وصون مكانة الأسرة.
التمسك بالأخلاق التي ميّزت الموريتاني أينما حلّ.

إحياء روح “العطاء دون انتظار مقابل”، تلك الروح التي بنى بها الأوائل مجتمعًا متماسكًا.

عيد الاستقلال… لحظة عهد جديد

ليكن هذا اليوم مناسبةً لتجديد العهد:
عهد أن نكون أفضل مما نحن عليه، وأن نجعل من استقلالنا مشروعًا مستمرًا لا ذكرى سنوية.

أن نعمل، كلٌّ من موقعه، على خدمة الوطن بإخلاص، وأن نُربي أبناءنا على حب هذه الأرض، وأن نغرس فيهم أن موريتانيا ليست مجرد أرض نعيش عليها، بل رسالة كُلفنا بحملها.

وفي الختام، يبقى السؤال مفتوحًا أمام كل واحد منا:
ماذا قدّمت اليوم للوطن؟ وماذا ستقدّم غدًا؟

عيد استقلال سعيد،
وكل عام وموريتانيا حرةً شامخة، تعلو بقيمها، وتنهض بأبنائها، وتعود إلى أصولها التي صنعت مجدها.

أحمدو سيدي محمد الكصرري 
خبير وطني في التوجيه المهني وهندسة التكوين

ثلاثاء, 25/11/2025 - 09:53