عضو المكتب التنفيذي لإتحاد قوى التقدم يستقيل من الحزب

arton15407

من المؤلم أن تكتشف بعد عشرات السنين أن الأداة النضالية التي بذلت فيها الكثير من الجهود والتضحيات، قد انحرفت عن مسارها وأصبحت تستغل لتحقيق أهداف غير التي أنشأت من أجلها. ذلك للأسف ما حصل لاتحاد قوى التقدم الذي تدل مختلف المعطيات اليوم أنه بات على شفى الانهيار.

يعرف الكثيرون أنني ومنذ بدايات تأسيس الحركة الوطنية الديمقراطية، راهنت على حيوية بناء إطار للنضال من أجل توعية الطبقات المحرومة والدفاع عن مصالحها. وقد حققنا منجزات هائلة تمثلت في تشكيل حركة فلاحية وعمالية متميزة وفي مقاومة بطولية لقوى الإقطاع والأنظمة الدكتاتورية.

وبعد أن كنا نستعد لإشعال ثورة وطنية ديمقراطية، قمنا بإعادة تقييم لخطنا السياسي بناء على معطيات داخلية وتحولات دولية، وقررنا عن وعي اعتماد النهج السلمي للوصول إلى السلطة من خلال العمل على توحيد أهم القوى الاجتماعية وتحمل مسؤولياتنا التربوية والإسهام في تكريس ديمقراطية هادئة من خلال مسار تغييرات تدريجية تجمع بين النضال والحوار والإصلاحات.

وعن وعي أيضا وضعنا نصب أعيننا هدفا استراتيجيا يقضي بضرورة استغلال كافة مساحات الحرية والتعبير الديمقراطي وتحويل الدوائر الانتخابية المكتسبة عن طريق المنافسات الانتخابية إلى ساحات لاختبار وبث نمط جديد من تسيير الشأن العام والعلاقات مع المواطنين.

غير أن كل ذلك تم تجاهله مؤخرا لصالح خط مجابهة أعمى مبني على مواقف تكتيكية تجاوزتها الظروف والمراهنة على تحالفات غير مجدية وغير طبيعية. وقد جاء هذا الخط المغامر استمرارا لنهج غريب عن الحزب بدأت أولى معالمه تظهر خلال رئاسيات 2007 وتفاقم أكثر خلال مؤتمر الحزب الأخير نهاية 2012 وبلغ أوجه خلال الدورة الأخيرة للمكتب التنفيذي والتطبيق التصفوي للقرار الصادر عنه.

لقد تم التوصل خلال هذه الدورة –بعد تهديد الرئيس بالاستقالة نظرا لاتضاح أن ميزان القوة لم يكن في مصلحته- إلى حل وسط يقضي بعدم مضايقة اللوائح التي ترشحت باسم الحزب، غير أن الرئيس خلال تطبيقه لهذا القرار استمر في موقفه المنحاز للمقاطعة على حساب مصالح الحزب وقواعده وصادر حق جميع اللوائح في الترشح من دون أن يكون لديه الحق في ذلك وذلك من خلال رسالة مهينة واستفزازية وجهها للجنة المستقلة للانتخابات.

قبل ذلك كان الرئيس ذاته قد رفض قرارا اتخذته اللجنة الدائمة بالمشاركة في الانتخابات وخاض ضده حملة على مستوى الرأي العام. وهو قرار تم اتخاذه بعد مسار طويل من التأجيل والتعطيل ومن التطبيق الانتقائي لقرارات الحزب حيث يتم الاجتهاد في تطبيق القرارات المتعلقة بتعميق الأزمة مع النظام بينما يتم تجاهل القرارات المتعلقة بضرورة الاستعداد للانتخابات والمتخذة من طرف نفس الهيئة.

لقد اعترضت على هذا النهج منذ بدايته حين رفضت الموافقة على ترشح الحزب لرئاسيات 2007، وتغيبت عن المؤتمر، مستشعرا خطورة إعطاء الأولوية لبناء زعامية حبلى بمختلف الانحرافات، على حساب الاهتمام ببناء حزب مناضل والتجاوب مع انشغالات الجماهير والمراكمة التدريجية للقوى في انتظار بناء ميزان قوة يسمح للحزب بخوض الاستحقاقات الكبرى.

ومع أن مخاوفي وجدت ما يبررها حتى خلال الحملة الانتخابية سنة 2007، إلا أنني تمسكت بالأمل في أننا قد نجد في تجربتنا النضالية الثرية ما يمنعنا من الاستمرار في المنحدر الذي انزلقنا نحوه وذلك قبل أن أفاجأ بأن هروبنا إلى المنحدر كان أيضا هروبا من ماضينا المشرف وابتعادا عن كلما يمت له بصلة.

واليوم وبعد أن اتضحت سلبيات هذا النهج وأسفر عن تدمير الحزب التاريخي وإفراغه من قواعده المناضلة، إرضاء لطموحات غير مفهومة وفي تحد سافر لخطه ولتطلعات الأغلبية الساحقة من قياداته ومناضليه، فقد وجدت نفسي مرغما على اتخاذ القرار الصعب والمؤلم بتقديم استقالتي ليس من أجل الاستسلام والركون إلى الراحة بل من أجل مواصلة مشواري النضالي بطرق أخرى.

ولا يفوتني هنا أن اغتنم هذه الفرصة لأقدم التحية لرفاقي في النضال، مؤكدا تمسكي الدائم بالمبادئ والمثل التي ناضلنا سويا من أجل تحققها والتي سأظل أناضل من أجل انتصارها.

17/10/2013

الشيخ سيد المختار ولد عبد الغفور

عضو المكتب التنفيذي لاتحاد قوى التقدم

فيديرالي اتحاد قوى التقدم في ولاية كوركل

خميس, 17/10/2013 - 13:26