
كيف تتحدثون عن الجودة وأنتم غارقون في الفوضى؟ من أغرب المفارقات التي نشهدها في بعض المؤسسات أن المسؤولين الذين يديرونها بلا مبالاة هم أنفسهم الذين يظهرون في المحافل، يعقدون الاجتماعات الرسمية، ويتشدقون بعبارات رنانة حول "تطبيق معايير الجودة" و"تطوير الأداء المؤسسي".
لكن السؤال الحقيقي هو:
o كيف يمكن تحقيق الجودة في بيئة يسودها التخبط، وغياب العدالة، وانعدام الشفافية ؟
o ازدواجية المعايير: الشعارات في وادٍ والواقع في وادٍ آخر
من يسمع هؤلاء المسؤولين وهم يتحدثون عن الجودة يظن أنهم في مقدمة الركب، يواكبون التقدم، ويرفعون كفاءة العمل، لكن الحقيقة الصادمة تكشفها أبسط نظرة على مؤسساتهم :
D لوحة الإعلانات المغبرة: مجرد إلقاء نظرة على لوحة الإعلانات في بعض هذه المؤسسات يكشف الكثير، حيث لم تُستخدم منذ سنوات حتى أصبحت موطنًا للعناكب، وكأن الشفافية لم تكن يومًا ضمن معاييرهم.
D ندرة الاجتماعات الداخلية: لا يمكن الحديث عن التطوير بدون اجتماعات دورية تناقش التحديات وتبحث الحلول، لكن في هذه المؤسسات عدد الاجتماعات خلال السنوات الأخيرة لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. فكيف تُدار الأمور؟ هل بالتخمين والتوجيهات الشفوية؟
D غياب مكتب التظلمات : الجودة تبدأ من الاستماع إلى الموظفين وإنصافهم، لكن في هذه المؤسسات، لا يوجد حتى مكتب للتظلمات، وكأن المسؤولين يرون أن الموظفين لا يستحقون فرصة لعرض مشاكلهم.
كيف تتحدثون عن الجودة بلا وضوح ولا شفافية ؟
الجودة ليست شعارات تُردد في المؤتمرات، بل هي سياسات تُطبق على أرض الواقع. لا يمكن تحقيق الجودة في ظل إدارة تتجاهل شكاوى الموظفين، ولا تُحفّز المجتهدين، ولا تعقد الاجتماعات إلا نادرًا، ثم تخرج لتتحدث عن التطوير والإنجازات الوهمية.
الرسالة إلى هؤلاء المسؤولين ومن عيّنهم
• الجودة تعني نظامًا إداريًا شفافًا وعادلًا، حيث يحصل كل موظف على حقوقه بوضوح، وليس مؤسسة غارقة في الفوضى والمحاباة.
• الجودة تعني متابعة الأداء باستمرار، وليس تجاهل الموظفين حتى يفقدوا الحافز للعمل.
• الجودة تعني اتخاذ القرارات بناءً على معايير واضحة، وليس بناءً على العلاقات والمصالح الشخصية.
كفى تناقضًا بين القول والفعل، فالجودة لا تُفرض بالتصريحات، بل تُثبت بالممارسات.
كان الله في عون الجميع!
أحمدو سيدي محمد الكصري