كلمة الرئيس الدوري لائتلاف قوى الشعب المعارض، رئيس حزب التكتل، المهندس المختار ولد الشيخ.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بيان

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

تحية نضالية للسادة والسيدات رؤساء وقيادات ومناضلي ومناصري الأحزاب السياسية والحركات الشبابية الوطنية الجادة، المشكلة لهذا الائتلاف الوطني الجامع، الذي نلتقي اليوم تحت رايته، وقد وحَّدَنا الإيمان بوطن يسع الجميع دون تمييز، وتصان فيه حقوق وكرامة المواطن.

 

أود بداية أن أعبّر باسم ائتلاف قوى الشعب، عن تضامننا الكامل والثابت مع الشعب الفلسطيني الشقيق، في وجه العدوان الغاشم والانتهاكات الصارخة التي ترتكبها آلة الاحتلال الصهيوني، في تحدٍ سافر لكل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية، ونُدين بأشد العبارات حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها إخواننا في غزة الصامدة، ونؤكد وقوفنا إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني العادل من أجل الحرية، والكرامة، وحقه في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشريف.

 

أيها الجمع الكريم؛

 

يشرفني، باسم تكتل القوى الديمقراطية قيادة ومناضلين، أن أعرب عن اعتزازنا بالثقة التي منحتمونا إياها بالإجماع لتولي الرئاسة الدورية لهذا الائتلاف الوطني الهام، وهو ما نعتبره تشريفا وتكليفا جسيما ألقي على عواتقنا، وسنسعى بعون الله جاهدين -وبمعيتكم جميعا- لأن نكون عند مستوى التحدي، بما يخدم الأهداف المشتركة والرؤية المتبصرة لكافة مكونات الائتلاف.

 

أيها السادة والسيدات؛

 

هذا الائتلاف ليس مجرد تكتل عابر أو تحالف مصالح مؤقت، بل هو ثمرة وعي سياسي يستند على تجربة عقود من أجل تجسيد إرادة وطنية تسعى لتجاوز الحسابات الضيقة، وفتح أفق جديد لعمل سياسي جاد ومسؤول يهدف إلى خلق ديمقراطية حقة وتنمية مستدامة أساسها العدالة والعدالة الاجتماعية.

 

وقد نشأ هذا الائتلاف ليكون صوتًا جهوريا للشعب، لا أداة لتبرير الأمر الواقع المر، ولينتصر لقيم التعددية والكرامة، في مواجهة الشوفينية والإقصاء، وليؤسس لنضال مدني سلمي دؤوب، من أجل بناء أمة موحدة متصالحة مع ذاتها وتعتز بتنوعها، ويكافح من أجل مستقبل مشترك، يُبنى بالحوار والنقاش الثري لا بالإقصاء، وبالشراكة لا بالوصاية، وبالاختيار الحر، لا بتزوير الإرادة.

 

أيها السادة و السيدات،

 

نحن اليوم أمام واقع وطني دقيق، يتطلب من الجميع تحمّل المسؤولية والانتصار لصوت العقل، في وجه سلطة تشبه إلى حد كبير في سياساتها العامة سياسة النعامة، وتتجاهل التحديات والمشكال الجوهرية، التي تهدد وحدتنا الوطنية وحاضر ومستقبل البلاد، مكتفية بإجراءات شكلية وشعبوية لا تلامس عمق الأزمة بل تزيدها تجذرا وتعرض موارد الدولة لمزيد من النهب من طرف أباطرة الفساد الذين أحلونا دار البَوار.

 

إن بلادنا اليوم تمر بمرحلة دقيقة، يتسم فيها المشهد السياسي بالضبابية، وانعدام تام لثقة المواطن في حكوماته المتعاقبة و في تعهداتها، وبين المواطنين أنفسهم، وبأداء هزيل ومجهري لمؤسسات الدولة الثلاث:

 

التنفيذية،

 

والتشريعية،

 

والقضائية،

 

حيث أصبحت جميعها رهينة لإرادة السلطة التنفيذية بل لأشخاص قلة معروفين بالأسماء والصفات، مما أدى إلى تراجع كبير في هيبة الدولة وأدائها، وضعف ملاحظ في المشاركة السياسية، وتآكل الإيمان بالعملية الديمقراطية، وفقدان الأمل في تغيير نابع من إرادة الشعب ويحقق آماله وتطلعاته.

 

أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فرغم تجاوز ميزانية الدولة "لألف مليار" أوقية قديمة، ورغم حصول بلادنا على الكثير من الهبات والصدقات والقروض بعشرات المليارات التي تأخذ يوميا باسم الشعب، ورغم الحديث عن الشروع في تصدير الغاز، فإن لسان الحال ينبِئُكَ دون كثير عناء عن حجم معاناة المواطنين، من غلاء فاحش في المعيشة وارتفاع صاروخي لأسعار المواد الإستهلاكية الضرورية، بفعل الزيادات المتكررة في الضرائب والإتاوات غير المبررة، والاحتكار الممارس من طرف رجال أعمال نافذين، والغياب التام للرقابة الصارمة على الأسواق، إضافة إلى الانهيار المستمر في قيمة العملة الوطنية، وتدني رواتب غالبية الموظفين الذين تعتمد عليهم المؤسسات الخدمية عموما، هذا فضلا عن تزايد رهيب في البطالة وخاصة في صفوف الشباب، وغياب الأمن وانتشار الجريمة وتعاطي المخدرات، وخنق الحريات العامة، والتدهور الخطير في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، والتمادي في قمع الطلاب وكافة أصحاب المظالم بدل الاستماع لهم وتسوية مطالبهم المشروعة، هذا بالاضافة الى موضوع الهجرة الذي يلقي بظلاله على المشهد الوطني في الوقت الحالي و الذي تنبغي معالجته بعيدا عن التجاذبات السياسية الداخلية ووفق مقاربة وطنية شاملة ومتوازنة تحفظ المصالح العليا للبلد وعلاقاته التاريخية مع دول الجوار وتحترم حقوق الانسان وتحافظ على أمن واستقرار البلد، بدل اللجوء الي حلول ارتجالية ترقيعية، فاقمت من الأزمات المزمنة التي يعشيها بلدنا، وتنذر بخطر يجب تداركه قبل فوات الأوان.

 

كل هذه الأزمات تحدث في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، تُعقّد المشهد الوطني: فالساحل يشهد اضطرابًا متصاعدًا، والجوار المغاربي يعيش اختلالات متفاقمة، والشرق الأوسط في حالة غليان مستمر، أما النظام الدولي فيعيش فوضى عارمة تنذر بمستقبل مجهول، وهو ما يفرض تحديات جسيمة على منطقتنا كافة.

 

أيها السادة و السيدات،

 

انطلاقا من حرصنا الصادق على إنجاح الحوار الوطني المرتقب،  و أن تكون مبادرة رئيس الجمهورية مختلفة هذه المرة، وتشكل فرصة لتسوية جذرية للمشاكل العالقة، نرى أنه من الضروري  بناء الثقة بين السلطة والمعارضة بوصفها شرطا أساسيا لا غنى عنه لأي حوار جاد يراد له أن يتجنب مآلات الحوارات السابقة التي لم يكتب لها النجاح.

 

وتعد هذه الإجراءات بمثابة رسائل واضحة لحسن النية، ومؤشرات حقيقية على رغبة صادقة في التهدئة والانفراج، وهو مايمكن أن يفتح الباب لحوار وطني جاد يُعيد الأمل في التوافق وبناء المستقبل بسواعد كافة أبناء الوطن .

 

 

 

أيها المدعوون و حضورنا الكريم؛

 

لا يسعني قبل أن أختتم كلمتي، إلا أن أتوجه بجزيل الشكر لكافة مناضلي الائتلاف الحاضرين معنا، و للمؤسسات الإعلامية، التى تواكب مختلف أنشطتنا وتحرص على تأدية دورها الهام رغم ما تواجهه من تحديات وصعوبات، كما أجدد التزامنا في الائتلاف على مواصلة النضال السلمي الديمقراطي، حتى تتحقق أهدافنا وطموحنا لموريتانيا للجميع.

 

أشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جمعة, 18/04/2025 - 22:27

إعلانات