من أجل تعزيز الثقة المؤسسية   - ضرورة مساءلة المسؤولين عند تسليم المهام

 

في الوقت الذي تتطلع فيه بلادنا إلى إصلاح الإدارة وتعزيز الشفافية، يظل موضوع مساءلة المسؤولين عند نهاية مهامهم من أبرز التحديات التي لم تجد بعد طريقها إلى المعالجة المؤسسية الفعلية.

لقد أصبح من المألوف أن نرى مسؤولًا يغادر منصبه، سواء بعد فترة ناجحة أو متعثرة، دون أن تُعرض تجربته على التقييم، ودون أن يُفتح أي تحقيق إداري أو يتم إصدار تقرير موضوعي حول أدائه، بل وفي كثير من الأحيان يُعين في منصب جديد وكأن شيئًا لم يكن.
وهنا يطرح المواطن البسيط سؤالًا مشروعًا: 

هل المساءلة حكر على الضعفاء والبسطاء فقط؟ 
أم أن مبدأ "عدم الإفلات من العقاب" يجب أن يسري على الجميع، دون استثناء؟

إن غياب المساءلة بعد تسليم المهام لا يؤدي فقط إلى شيوع ثقافة اللا مبالاة، بل يشكل رسالة سلبية لمن يتحملون المسؤولية بجدية، حيث يتساوى في النهاية من اجتهد ومن أهمل، ومن حافظ على المال العام ومن فرّط فيه.
وهذا الوضع، إن استمر، ستكون له آثار عميقة على ثقة المواطن في المؤسسات، وعلى جودة تسيير الشأن العام.

إننا، ومن منطلق الحرص على المصلحة الوطنية، لا ندعو إلى تصفية حسابات أو إعادة فتح ملفات الماضي بعقلية انتقامية، بل نطالب بـإنشاء آلية مؤسساتية ودائمة تضمن ما يلي:

إجراء تقييم إداري شامل عند انتهاء أي مسؤول من مهامه؛
إصدار شهادة براءة ذمة إدارية أو تقرير بملاحظات وتوصيات؛
ربط المسؤولية بالمحاسبة كأصل ثابت في إدارة الشأن العام.

بهذه الآليات، نؤسس لثقافة جديدة عنوانها: 
الوظيفة العمومية تكليف لا تشريف، 
والمناصب مسؤولية لا غنيمة. 

كما نبعث برسالة واضحة إلى الجميع مفادها أن الدولة لا تتساهل مع التقصير ولا تُكافئ الإهمال.
ختامًا، إن الثقة في المؤسسات لا تُبنى بالشعارات، بل بإجراءات ملموسة تضمن العدالة والمساواة، وتُكرّس ثقافة جديدة يكون فيها كل مسؤول واعيًا بأن مساءلته أمر لا مفر منه، وأن خدمة الوطن شرف لا يُمنح إلا لمن يستحقه. 
                                                        كان الله في عون الجميع 
 
                                                   أحمدو سيدي محمد الكصري 

                                                         باحث في الشأن العام

أحد, 27/04/2025 - 20:40

إعلانات