
ان امتيازات السلطة القضائية عن غيرها من السلطات كانت في
صدارة اهتمامات الحكام منذ فجر الدولة الإسلامية ،حيث عرفت المرحلة إغناء القاضي و جعله في الظروف المواتية لمساعدته على تطبيق العدل بحياد واستقلالية ،ومع بروز الدول الوطنية الحديثة باتت مسألة استقلال القضاء وفصل السلطات وتوازنها تشغل حيزا كبيرا في دساتير الدول الديمقراطية الحديثة، فضلا عن حث المواثيق الدولية ذات العلاقة والمعايير الدولية لاستقلال القضاء على وضع أعضاء السلطة القاضية في ظروف عمل وظروف اقتصادية تسمح لهم بالصمود في وجه تدخل السلطات الأخرى وضغوط الظروف الاقتصادية، ليقوموا بمهمتهم على أكمل وجه .
وفي موريتاتيا عرفت هذه السلطة منذ ٢٠٠٥ محاولات عدة تسعى إلى موائمة ظروف هذه السلطة مع ما تتطلبه بمقتضى هذه المبادئ الدستورية والمواثيق الدولية خدمة لأمن وتنمية البلد ،وتجاوبا مع التحديات الواقعية الجديدة .
وهكذا بدأت هذه التحسينات مع حكم المرحلة الانتقالية بدعم ظروف عمل السلطة القضائية ،من خلال بعض السيارات وتحيين ترسانة القوانين الوطنية ،قبل أن يمنح النظام المدني المنبثق عن المرحلة الانتقالية نظام المرحوم الرئيس سيدي الشيخ عبد الله علاوة معتبرة ساهمت في انتشال أعضاء هذه السلطة من واقع مرير كانو ا يمرون به هي علاوة الحكم، ثم بعد ذلك جاء نظام الرئيس ولد عبد العزيز الذي منح قطع أرضية للقضاة ساهمت في تحسين الظروف الاقتصادية لهم ، لكنه حرمهم من علاوة الأعمال الخاصة التي استفاد منها زملاؤهم في محكمة الحسابات وجميع الموظفين في القطاعات الأخرى ،كل حسب رتبته وظيفته.
وفي نهاية المأمورية الأولى للرئيس محمد الشيخ الغزواني بدأت تحسينات لافتة كان في مقدمتها منح سيارات خدمة لأعضاء النيابة وبعض القضاة الجالسين على رأس الغرف ومحاكم الولايات، والا ستئنافيات ،فضلا عن منح جمركة للقضاة، وبعض القطع الأرضية لبعضهم ،ثم منح نصف علاوة الأعمال الخاصة التي استكملت منذ ايام بمقرر وزاري يقضي بمنحها هذا الشهر ،وهي الحق الذي ناضلت الجمعيات القضائية باستماتة من أجله منذ فترة طويلة وتكون بذلك هذه أكبر تحسينات يشهدها قطاع العدالة
وقد حصلت فقط في ظل نظام الرئيس الحالي.
هذا رغم ان الحوار المزمع تنظيمه يخصص جانبا مهما من محاور نقاشاته للسلطة القضائية واستقلاليتها فيمكن طرح مشاكل القطاع الجوهرية المتعلقة بضمانات استقلال القضاء الأخرى وتحسين الظروف المعنوية .
ونرجو أن يخرج المناقشون للموضوع بتوصيات عملية تمس صميم عوائق استقلال هذه السلطة، وابرزها هيكلة المجلس الأعلى للقضاء التي تحتاج إلى إعادة هيكلة، ومنصب رئيس المحكمة العليا الذي يحتاج الى. نقاش صفة المؤهلين له في ضوء تعزيز ضمانات استقلال القضاء.
ومدى استقلالية النيابة كقضاء واقف عن السلطة التنفيذية .
واستقلال المفتشية العامة للقضاء عن السلطة التنفيذية.
وإعداد القضاة المتخصصين كل في المجال الذي يصلح له منذ التكوين في المعهد العالي للقضاء .
وبناء مقر لمجلس السلطة القضائية واشراف لجنة دائمة على تسيير ه. وإعداد ميزانية القضاء واحتياجاته ومشاريع نصوصه باستقلالية تامة عن السلطنين التشرعية والتنفيذ ية.
فضلا عن نقاش سن التقاعد ومعاش القضاة وهنا فقط وبهذا نكون أمام سلطة قضائية نموذجية في المنطقة ذات مصداقية في الداخل والخارج تجذب المستثمرين وتساهم في الاستقرار والامن والتنمية.
الخليل بومن الأنين العام المساعد للاتحاد العربي للقضاة