
تقييم نقدي في ظل التحولات الجديدة للجريمة والتشريعات الدولية
يُعَدّ القانون الجنائي حجر الأساس في أي منظومة قانونية، فهو الذي يحدد بدقة الأفعال المجرّمة ويضع العقوبات المناسبة لها، بما يضمن حماية النظام العام وصيانة حقوق الأفراد والجماعات.
وقد مثّل صدور القانون الجنائي الموريتاني بموجب الأمر رقم 126-83 الصادر بتاريخ 9 يوليو 1983 خطوة بارزة في تاريخ التشريع الوطني، إذ وضع حينها إطاراً قانونياً شاملاً لمواجهة الجريمة وضبط السلوك الاجتماعي.
غير أنّ مرور أكثر من أربعة عقود على إصداره، وما شهده العالم خلال هذه الفترة من تحولات عميقة في بنية الجريمة، كشف عن قصورٍ بنيوي حال دون قدرة هذا القانون على الاستجابة لمتطلبات العصر.
لقد أصبحت الجريمة المعاصرة ذات أبعاد جديدة، لم يعد معها من المجدي الاعتماد فقط على النصوص التقليدية التي وُضعت في ثمانينيات القرن الماضي. فقد برزت أنماط إجرامية مستحدثة، مثل الجريمة السيبرانية والابتزاز الرقمي والجرائم المالية المعقدة، إلى جانب الإرهاب العابر للحدود، والاتجار بالبشر، وجرائم البيئة، وهي جرائم لم يأتِ القانون الجنائي الموريتاني على ذكرها أو لم يتناولها بالقدر الكافي. الأمر الذي أفرز فراغاً تشريعياً خطيراً أضعف من فعالية السياسة الجنائية وأربك عمل القضاء.
تنطلق هذه الدراسة من إشكالية رئيسية مفادها: إلى أي مدى ما زال القانون الجنائي الموريتاني قادراً على مواكبة تحولات الجريمة المعاصرة، وما هي السبل الكفيلة بإصلاحه بما ينسجم مع المعايير الدولية والخصوصية الوطنية؟.
للإجابة عن هذه الإشكالية، سيتم تحليل النصوص القائمة، وبيان أوجه قصورها، ومقارنتها بالتشريعات المقارنة (المغربي، التونسي، الفرنسي)، فضلاً عن استحضار المرجعيات الدولية التي انضمت إليها موريتانيا.
تعتمد هذه الدراسة منهجاً مزدوجاً يقوم، من جهة، على التحليل النقدي للنصوص الوطنية في ضوء الممارسة العملية، ومن جهة أخرى، على المقارنة مع تجارب إقليمية ودولية.
وستنقسم الدراسة إلى أبواب رئيسية، يخصص أولها للإطار التاريخي والمرجعي، وثانيها لتحليل أوجه القصور في مواجهة الجرائم المستحدثة، وثالثها لاقتراح محاور الإصلاح الشامل، على أن تُختتم بخلاصات وتوصيات عملية.
الباب الأول: الإطار المرجعي والتاريخي
الفصل الأول: نشأة القانون الجنائي الموريتاني وتوجهاته العامة
صدر القانون الجنائي الموريتاني في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وهي فترة تميزت بجهود الدولة الموريتانية في بناء مؤسساتها الحديثة عقب الاستقلال. كان الهدف من هذا القانون وضع إطار شامل يجرّم الأفعال الماسة بالنظام العام ويحدد العقوبات، مستلهماً من عدة مصادر:
التشريع الفرنسي: بحكم الإرث الاستعماري، استلهم المشرع الموريتاني العديد من أحكام القانون الجنائي الفرنسي، خاصة في مجال الجرائم ضد الأشخاص والممتلكات.
التشريع المغربي: تأثر القانون الموريتاني أيضاً بالتجربة المغربية التي سبقته في سنّ قانون جنائي متكامل سنة 1962، مع بعض التعديلات اللاحقة.
المرجعية الإسلامية: أدرج المشرع أحكاماً مستوحاة من الفقه المالكي، خاصة في مجال الحدود والجرائم الأخلاقية، مثل الزنا والقذف وشرب الخمر. ورغم أن القانون جاء شاملاً نسبياً لجرائم الحق العام التقليدية (كالقتل والسرقة والتزوير)، فإنه ظل وفياً لروح تلك المرحلة، حيث كانت التحديات الأمنية تقتصر على الجريمة الفردية التقليدية. ولذلك لم يتضمن أي نصوص حول الجرائم ذات البعد العابر للحدود أو المرتبطة بالتقنيات الحديثة.
الفصل الثاني: المرجعيات الدولية والإقليمية في مواجهة الجريمة
مع نهاية القرن العشرين، شهد العالم تحولات عميقة في طبيعة الجريمة، رافقها تطور في المنظومة الدولية لمكافحة هذه الظواهر:
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (باليرمو، 2000): أرست هذه الاتفاقية التزامات واضحة على الدول في مجال تجريم غسل الأموال، الاتجار بالبشر، تهريب المهاجرين، وتعزيز التعاون الدولي.
- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (ميريدا، 2003): شكلت مرجعاً رئيسياً لمحاربة الفساد، حيث نصت على ضرورة تجريم الإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ.
- اتفاقية بودابست بشأن الجرائم الإلكترونية (2001): وهي أول صك دولي شامل لمواجهة الجريمة السيبرانية، ورغم أن موريتانيا ليست طرفاً فيها، فإنها تظل مرجعاً معيارياً في المجال.
- الاتفاقيات العربية والإفريقية: مثل اتفاقية الرياض للتعاون القضائي (1983) والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب (1998)، التي تدفع نحو مواءمة التشريعات الوطنية مع الإطار الإقليمي. تُظهر هذه المرجعيات أنّ القانون الجنائي الموريتاني ظل بمنأى عن التحولات الكبرى في السياسة الجنائية الدولية. فبينما سارعت دول الجوار، كالمغرب وتونس، إلى إصدار نصوص خاصة لمكافحة الجرائم المستحدثة، بقي القانون الموريتاني على حاله، مكتفياً ببعض التعديلات الجزئية غير الكافية.
الباب الثاني: مظاهر القصور في القانون الجنائي لسنة 1983
يكشف تحليل القانون الجنائي الموريتاني لسنة 1983 عن فجوات واضحة في مواجهة الجرائم الحديثة. هذه الفجوات لم تعد نظرية، بل أصبحت تُترجم عملياً في شكل صعوبات أمام القضاء وأجهزة إنفاذ القانون، وأدت إلى إضعاف فعالية الردع الجنائي. يمكن تصنيف هذه الفجوات في أربعة محاور رئيسية:
الجرائم السيبرانية والمالية،
الإرهاب والجريمة المنظمة،
الفساد والجرائم الاقتصادية،
الجرائم البيئية والصحية والإعلامية.
الفصل الأول: الجرائم السيبرانية والمالية
1 غياب النصوص المتعلقة بالجرائم السيبرانية : لم يتضمن القانون الجنائي الموريتاني أي أحكام خاصة بالجرائم الإلكترونية أو الرقمية. وهو أمر طبيعي بالنظر إلى أن القانون صدر سنة 1983، أي قبل ظهور الإنترنت وشبكات المعلومات الحديثة. غير أن بقاء التشريع على حاله حتى اليوم يُعتبر قصوراً تشريعياً جسيماً. فالمشرع لم يجرّم:
- الاختراق غير المشروع للأنظمة المعلوماتية.
- سرقة أو تدمير البيانات الإلكترونية.
- الاحتيال عبر الوسائط الرقمية.
- الابتزاز الإلكتروني بنشر الصور أو البيانات الخاصة. هذا الفراغ يجعل القضاء عاجزاً عن تكييف هذه الأفعال في غياب نصوص واضحة، حيث لا يمكن تطبيق النصوص التقليدية المتعلقة بالسرقة أو التهديد على وقائع تتم في بيئة افتراضية تختلف في جوهرها عن العالم المادي.
2 القصور في مواجهة الجرائم المالية الحديثة : يتناول القانون الجنائي التقليدي جرائم مثل التزوير والاختلاس، لكنه يغفل الجرائم المالية المعقدة التي أصبحت سمة من سمات الاقتصاد المعولم، مثل:
- غسل الأموال عبر المؤسسات المالية أو التجارية.
- التلاعب بالأسواق والبورصات.
- الاحتيال عبر الشبكات المالية المعقدة دون الحاجة إلى تزوير محررات ورقية. في المقابل، بادرت تشريعات أخرى في المنطقة إلى سدّ هذا النقص : ففي المغرب، صدر قانون خاص لمكافحة غسل الأموال. وفي تونس، جرى اعتماد نصوص حديثة تجرّم جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن إطار قانوني مستقل. أما القانون الموريتاني، ورغم مصادقة الدولة على اتفاقيات دولية، فلم يدمج أحكاماً واضحة حول هذه الجرائم في نصوصه الجنائية.
الفصل الثاني: الإرهاب والجريمة المنظمة
1 الإرهاب كجريمة غائبة : يتعامل القانون الجنائي الموريتاني مع الجرائم الماسة بأمن الدولة من خلال نصوص عامة مثل "المؤامرة ضد سلطة الدولة"، لكنه لا يميز بين هذه الجرائم والأفعال الإرهابية بمعناها الحديث.
النتيجة هي أن أعمالاً إرهابية عابرة للحدود قد لا تجد تكييفاً جنائياً دقيقاً، مما يعقّد التعاون الدولي في هذا المجال.
المغرب مثلاً سنّ قانوناً خاصاً المتعلق بمكافحة الإرهاب سنة 2003، والذي قدم تعريفاً موسعاً للأعمال الإرهابية، وربطها بالسياق الدولي.
تونس كذلك اعتمدت قانوناً أساسياً خاصاً بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
أما موريتانيا، فلا تزال تفتقر إلى قانون جنائي يدرج الإرهاب كجريمة مستقلة.
2 الجريمة المنظمة والاتجار بالأسلحة : يُعالج القانون الموريتاني بعض الأفعال المرتبطة بالأسلحة النارية عبر نصوص متفرقة، لكنه لا يتناول ظاهرة الاتجار غير المشروع بالأسلحة، التي أصبحت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب.
إن غياب نص متكامل يجرّم الاتجار بالأسلحة يعوق قدرة الدولة على ضبط هذه الظاهرة، خصوصاً مع موقع موريتانيا الجغرافي الذي يجعلها معبراً محتملاً لشبكات تهريب عابرة للحدود.
الفصل الثالث: الفساد والجرائم الاقتصادية
1 يركز القانون الجنائي الموريتاني : على الرشوة والاختلاس، لكنه لا يتضمن نصوصاً حول:
- الإثراء غير المشروع.
- استغلال النفوذ.
- تضارب المصالح. وهذه الجرائم منصوص عليها بشكل صريح في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
2 ضعف نظام العقوبات : حتى الجرائم المتعلقة بالرشوة والاختلاس عوقبت بعقوبات تقليدية قد لا تعكس جسامة الظاهرة في السياق المعاصر. بينما اتجهت تشريعات حديثة إلى تعزيز الشفافية والحوكمة وربط العقوبات بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للفساد.
3 غياب آليات المصادرة والتجميد : لا يوفر القانون الموريتاني آليات واضحة لمصادرة العائدات الإجرامية أو تجميد الأصول الناتجة عن الفساد وغسل الأموال، مما يضعف من قدرته على تجفيف منابع الجريمة الاقتصادية.
الفصل الرابع: الجرائم البيئية والصحية والإعلامية
1 الجرائم البيئية : لم يتضمن القانون الجنائي الموريتاني أي تجريم للأفعال الماسة بالبيئة، مثل:
- تلويث المياه أو الهواء.
- التخلص غير الآمن من النفايات الصناعية.
- الصيد الجائر أو غير المشروع. وهذا تقصير واضح بالنظر إلى الثروات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها البلاد، وإلى كون حماية البيئة أصبحت من أولويات القانون الجنائي الدولي. ففي المغرب، صدر قانون خاص المتعلق بحماية البيئة، بينما أقرّت تونس قوانين خاصة بالصيد والموارد الطبيعية.
2 الجرائم الصحية : لم يواكب القانون التحديات الصحية الحديثة مثل:
- الإتجار بالأدوية المزورة.
- التلاعب بالمواد الغذائية الضارة.
- نشر الأوبئة عن طريق الإهمال أو التعمد. هذه الأفعال قد تترتب عليها أضرار جسيمة تتجاوز خطر بعض الجرائم التقليدية، لكنها لا تجد أساساً متيناً في القانون الجنائي الموريتاني.
3 الجرائم الإعلامية والمعلوماتية : لا يتضمن القانون الجنائي الموريتاني نظاماً متكاملاً لتجريم الأفعال الإعلامية الضارة، مثل نشر الأخبار الزائفة التي تهدد السلم العام أو التحريض عبر الوسائط الرقمية. وهو ما جعل النصوص التقليدية المتعلقة بالقذف أو السب غير كافية للتعامل مع الجرائم الإعلامية في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
الخاتمة الجزئية للباب الثاني
يتبين من خلال ما سبق أنّ القانون الجنائي الموريتاني لسنة 1983 قد عجز عن مواكبة الجرائم الحديثة، سواء كانت رقمية، أو مالية، أو إرهابية، أو بيئية.
هذا العجز لم يعد مجرد قصور تقني، بل أصبح تهديداً مباشراً لفعالية السياسة الجنائية وأمن المجتمع. فغياب التجريم يؤدي إلى إفلات المجرمين من العقاب، ويعرقل التعاون القضائي الدولي، ويضعف الثقة في المنظومة العدلية. ومن هنا، تبرز الحاجة الماسة إلى إصلاح شامل يدمج الجرائم المستحدثة في صلب القانون الجنائي.
الباب الثالث: نحو إصلاح شامل للقانون الجنائي الموريتاني
يُظهر تحليل القانون الجنائي الموريتاني الصادر عام 1983 أنّه بات عاجزاً عن مجاراة التحولات المتسارعة للجريمة، سواء في بعدها الوطني أو الدولي. ولم يعد ممكناً إصلاحه عبر تعديلات جزئية، بل يقتضي الأمر مراجعة شاملة تنبع من الخصوصية الوطنية وتستجيب في الوقت نفسه للالتزامات الدولية.
الفصل الأول: الدوافع الوطنية والدولية للإصلاح
1 الدوافع الوطنية : لقد أفرز الواقع الموريتاني الحديث عدة مبررات لإصلاح القانون الجنائي، أبرزها:
- التحولات الاجتماعية والاقتصادية: ازدياد التمدن، توسع الأنشطة التجارية، والانفتاح على الاقتصاد العالمي، كلها عوامل أفرزت أنماطاً جديدة من الجريمة لم يتناولها التشريع القديم.
- قصور النظام القضائي: القضاة يجدون صعوبة في تكييف الجرائم المستحدثة وفق النصوص التقليدية، مما يؤدي إلى تناقض الأحكام وضعف الردع.
- تنامي الجريمة المنظمة: انتشار التهريب والاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة جعل من الضروري وجود إطار قانوني محكم يواجه هذه الظواهر.
- المطالب الحقوقية: تصاعدت الدعوات لإلغاء أو تعديل العقوبات التي تُعتبر مخالفة لحقوق الإنسان أو لكرامة الأفراد، وإدماج ضمانات المحاكمة العادلة.
2 الدوافع الدولية :
- الالتزامات التعاقدية: موريتانيا صادقت على اتفاقيات دولية عديدة، وهو ما يفرض مواءمة تشريعاتها مع هذه الصكوك الدولية.
- التعاون الدولي: غياب نصوص حديثة يعرقل تسليم المجرمين وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين، إذ يشترط مبدأ ازدواجية التجريم الذي يتعذر في ظل تشريع قديم.
- التنافسية الإقليمية: الدول المجاورة (المغرب وتونس) خطت خطوات متقدمة في تحديث قوانينها الجنائية، مما يضع موريتانيا أمام حرج تشريعي إذا ظلت متأخرة عن الركب.
الفصل الثاني: مجالات الإصلاح المقترحة
1. الإصلاح البنيوي للنص الجنائي : ينبغي وضع قانون جنائي جديد بالكامل، مقسّم إلى كتب وأبواب تعكس التصنيف الحديث للجرائم:
- كتاب للجرائم ضد الأشخاص.
- كتاب للجرائم ضد الأموال.
- كتاب للجرائم الاقتصادية والمالية.
- كتاب للجرائم السيبرانية والإعلامية.
- كتاب للجرائم الماسة بالأمن الوطني والدولي.
- كتاب للجرائم البيئية والصحية.
2 إدماج الجرائم المستحدثة. :
- الجرائم السيبرانية: تجريم الاختراق، تدمير البيانات، الجرائم الإلكترونية المالية، الابتزاز الرقمي.
- الجرائم المالية: غسل الأموال، التلاعب بالأسواق، الفساد البنكي.
- الإرهاب والاتجار بالأسلحة: تعريف شامل للأفعال الإرهابية وتجريم تمويلها، وتجريم الاتجار غير المشروع بالأسلحة.
- الفساد والإثراء غير المشروع: إضافة نصوص حول تضارب المصالح، استغلال النفوذ، والشفافية المالية.
- الجرائم البيئية والصحية: تلويث البيئة، الإضرار بالصحة العامة، الاتجار بالأدوية المزورة.
- الجرائم الإعلامية: نشر الأخبار الزائفة، التحريض عبر الوسائط الرقمية، مع مراعاة التوازن مع حرية التعبير.
3 تحديث نظام العقوبات :
- إدخال العقوبات البديلة مثل الخدمة المجتمعية، الغرامات التناسبية، الحرمان من ممارسة النشاط المهني.
- تشديد العقوبات على الجرائم المالية والإرهابية.
- إدراج آليات المصادرة والتجميد للعائدات الإجرامية.
4 تعزيز التعاون الدولي :
- تنظيم أحكام تسليم المجرمين والمساعدة القضائية المتبادلة.
- النص على الاعتراف المتبادل بالأحكام الجنائية مع الدول الشريكة.
- آليات مصادرة الأموال العابرة للحدود._
- الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة، مثل اتفاقية بودابست للجرائم الإلكترونية.
5 حماية حقوق الإنسان وضمان المحاكمة العادلة :
- مراجعة النصوص التي تفرض عقوبات بدنية أو تمس الكرامة.
- تقنين دقيق لسلطات التوقيف والتحقيق.
- تعزيز ضمانات الدفاع والمساواة أمام القضاء.
- اعتماد العدالة التصالحية في بعض الجرائم البسيطة.
6 تطوير البنية المؤسسية :
- إنشاء هيئة وطنية للإصلاح الجنائي.
- وحدات متخصصة في الجرائم المالية والسيبرانية داخل النيابة العامة.
- تكوين مستمر للقضاة وضباط الشرطة القضائية.
7 إدماج المرجعية الإسلامية مع الالتزامات الدولية :
- الاستناد إلى مقاصد الشريعة (حفظ النفس، المال، العرض) في التجريم والعقاب.
- التوفيق بين الفقه المالكي والاتفاقيات الدولية.
- إبراز توافق التجريم الإسلامي مع مكافحة الفساد والغش والاعتداء على البيئة.
8 إصلاح السياسة الجنائية في بعدها الوقائي :
- إدماج برامج للتربية القانونية في المناهج التعليمية.
- دعم الشفافية والحوكمة كوسائل وقائية ضد الفساد.
- ربط السياسة الجنائية بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية، لتقليل دوافع الإجرام.
الفصل الثالث: آليات تنزيل الإصلاح
- إعداد مشروع قانون جديد عبر لجنة وطنية تضم قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين وخبراء دوليين.
- إجراء مشاورات موسعة مع المجتمع المدني لضمان شرعية النص الجديد.
- ملاءمة التشريع الجديد مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها موريتانيا.
- آلية متابعة وتقييم عبر تقارير دورية ترفع للبرلمان والحكومة حول تطبيق القانون.
الخاتمة العامة
يتضح من خلال هذه الدراسة أن القانون الجنائي الموريتاني الصادر سنة 1983 أصبح عاجزاً عن الاستجابة لمتطلبات العصر. فقد كشف التحليل عن قصور في مواجهة الجرائم السيبرانية، المالية، الإرهابية، البيئية، والصحية، فضلاً عن ضعف في مجال التعاون الدولي وضمانات المحاكمة العادلة.
إن الإصلاح لم يعد خياراً، بل ضرورة وجودية لحماية المجتمع وتعزيز سيادة القانون. ويجب أن يرتكز هذا الإصلاح على :
—مراجعة شاملة لبنية القانون الجنائي.
- إدماج الجرائم المستحدثة بنصوص صريحة.
- تحديث نظام العقوبات ليكون أكثر عدلاً وفاعلية.
- تعزيز التعاون الدولي بما يضمن الاندماج في المنظومة الجنائية العالمية.
- تكريس حماية حقوق الإنسان والعدالة التصالحية.
- التوفيق بين المرجعية الإسلامية المالكية والالتزامات الدولية. بهذا التصور، يمكن لموريتانيا أن تتجاوز حالة الجمود التشريعي، وأن تضع قانوناً جنائياً معاصراً يضمن أمنها الوطني، ويحافظ على هويتها، ويندمج في الوقت ذاته في المعايير الدولية.
الهوامش (قائمة المراجع)
1. الأمم المتحدة، الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، نيويورك، 1999.
2. الأمم المتحدة، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، نيويورك، 2000.
3. الأمم المتحدة، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ميريدا، 2003.
4. الأمم المتحدة، تقرير حول فعالية التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة، نيويورك، 2018.
5. البنك الدولي، تعزيز سيادة القانون في موريتانيا: تقييم مؤسسي، واشنطن، 2021.
6. الجمهورية التونسية، القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
7. القانون الجنائي الموريتاني (الأمر رقم 126-83 المؤرخ في 9 يوليو 1983).
8. القانون المغربي رقم 11-03 المتعلق بحماية البيئة، 2003.
9. القانون المغربي رقم 43-05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، 2007.
10. جامعة الدول العربية، اتفاقية الرياض للتعاون القضائي العربي، الرياض، 1983.
11. السالك، محمد الحافظ. سياسة التجريم والعقاب في التشريع الموريتاني، أطروحة دكتوراه، جامعة نواكشوط، 2017.
12. عبد الحميد، مصطفى. السياسة الجنائية في مواجهة الجريمة المنظمة، بيروت: المؤسسة الجامعية، 2015.
13. بنت عبد الله، فاطمة. "الفساد في التشريع الموريتاني: الواقع والآفاق"، المجلة العربية للعلوم القانونية، مج 25، ع 3، 2020.
14. المنظمة الموريتانية لحقوق الإنسان. الإصلاح الجنائي: مدخل لتعزيز حقوق الإنسان، نواكشوط، 2021.
15. ولد إبراهيم، أحمد. الإصلاح الجنائي في موريتانيا: دراسة مقارنة مع التشريع المغربي، منشورات جامعة نواكشوط، 2019.
16. ولد الشيخ أحمد، محمد محمود. القانون الجنائي الموريتاني بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2018.
17 . Council of Europe. (2001). Budapest Convention on Cybercrime. Budapest.
18 France. (2004). Loi n° 2004-204 du 9 mars 2004 portant adaptation de la justice aux évolutions de la criminalité.
19. France. (2016). Loi n° 2016-1691 du 9 décembre 2016 relative à la transparence, à la lutte contre la corruption et à la modernisation de la vie économique (Loi Sapin 2).
20 . Ould Cheikh, M. (2019). La réforme du système pénal mauritanien: défis et perspectives. Paris: LGDJ.
21. Sidi, A. (2020). Droit pénal mauritanien et droit international. Nouakchott: Presses Universitaires de Nouakchott.
22 .Taleb, M. (2021). La lutte contre la cybercriminalité en Mauritanie: analyse critique. Revue Internationale de Droit Pénal, 42(2).
23 . Ould Nahy, Mohamed Bouya. (2018, 20 mars). Mauritanie: Le système judiciaire mauritanien face aux défis posés par le terrorisme et le crime organisé. Wathinote: Amélioration de la Justice.
24 . منظمة الشفافية الدولية. (2022). التقرير السنوي لمؤشر مدركات الفساد ، برلين