
واجه فخامة الرئيس واقعا يطرح اسئلة ملحة واكراهات وأمر واقع من قبيل، هل كل من مارس السياسة يعتبر وطنياً ؟ ومؤهلاً لتولي منصب لصيق به؟ هل بِتنا نعيش في زمن تنحدر فيه كل الثوابت الوطنية ؟ فهل انتهت مرحلة تحويل الاستراتجيات الوطنية الى واقع ملموس ؟ وكيف تحول العمل السياسي القائم على التنظيم والوعي والإدراك والبصيرة الى حماسة وطياشة وانفعال وجباية ؟ هل بِتنا حقاً في ازمة سياسية!؟ فالعمل السياسي له شخصياته المؤثرة والتي لها مكانتها واحترامها سياسياً واجتماعياً لما تتصف به من مميزات قائمة على الصدق والاخلاص والوفاء والولاء والانتماء والوعي والادراك والفهم ؟
نحن زنوج الخدمة كما يحلو للبعض تسميتنا به تحت اسس عنصرية لم نتندم يوما علي مساندة فخامة الرئيس محمد الشيخ الغزواني إذ نرى فيه الأب الحنون لموريتانيا العارف بمشاكلها وازمة النخب التي تعيشها فقد رسخ الاجماع الوطني ورسخ طموحه نحو وطن يتأسس بأسس الشرف والاخاء والعدل.
فخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني، الرئيس المدني الذي حكم موريتانيا بعقلية مدنية بدون خلفية عسكرية فالحزم والغلظة ليست من الأمور التي حكم بها الدولة بل بالحوار والكياسة واعطيت للمؤسسات والسلط كامل الحرية.
أتاح الرئيس الفرصةَ لبناء دولة القانون والمواطنة، المتصالحة مع ذاتها، والغنية بتنوعها، والقوية بوَحدتها... دولة تحمي حوزتها الترابية، وتسعدُ مواطنيها، وتحتل مكانتها بين الأمم...إلا أن هناك أيادي توغلت وغلت من كل الجهات لاترى مصلحة الوطن .
جو الإستقرار الذي خلقه فخامته، هو سر النجاحات البنيوية الداخلية ومحل اشادة دولية، فإستقرار الوضع الداخلي لأي بلد يؤثر بطبيعة الحال في سياسته الخارجية و الجمهورية الاسلامية الموريتانية ليست استثناء من هذه القاعدة، فكلما كانت نسبة الاستقرار الداخلي عالية، زاد ذلك من فرص وجود علاقات خارجية مستقلة ومتّزنة ومستقرة.
رهان فخامته على أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، رهان أثبت فاعليته وجدواه تاريخياً في التصدي لكل ما من شأنه الإخلال بالأمن العام، والسلم الاجتماعي ، كونه صمام الأمان للاستقرار واستدامة الازدهار الداخلي والنجاح الديبلوماسي الذي يتخطى العضوية الي القيادة برؤية استراتجية واقعية.
زيارة ولاية الحوض الشرقي، حملت رسائل عميقة الدلالة، جائت اجوبة علي ما كان يتساءل عنه المواطن الموريتاني ، الذي يتوق لدولة المواطنة في التأكيد من فخامته على الوحدة الوطنيةو على تعزيز روح المواطنة والانتماء للوطن الواحد، وأن مشروع الدولة الوطنية يدخل مرحلة النضج والتثبيت
و أكدت الزيارة على ترسيخ نهج القرب من المواطنين كما كانت هي تعليماته بقرب الادارة والحكومة منهم، حيث حرص الرئيس على اللقاء المباشر بالمواطن والاستماع بدقة إلى مطالبهم واحتياجاتهم، مما يدل على اهتمام الدولة بـأولويات المواطنين أينما كانوا مستبينا وموجها مع التزامن مع انطلاق البرمامج الاستعجالي للوطن والمواطن في البدء في الاولويات المطروحة.
الهم الاول هو الوطن والنهوض بالجمهورية الاسلامية الموريتانية ولذلك ليس من نهج ولا من برنامج فخامة رئيس الجمهورية التحدث عن مستقبل سياسي بل مستقبل موريتانيا ولذلك وجه الرئيس رسالة واضحة بضرورة الابتعاد عن الحديث حول 2029 لأنه لا يزال في بداية مأموريته، داعياً إلى توحيد الجهود في سبيل تنمية الولاية المزورة وموريتانيا عموما.
رسائل وتوجيهات بنيوية لم تفسح المجال بالشك في ان فخامته يريد الاصلاح الشامل إلا ان المعارضة والاجندة الشخصية ستلعب علي وتر أن اختيار الحوض الشرقي، لكونها ولاية ذات ثقل ديموغرافي وجغرافي هام، هو محاولة لـتأمين قاعدة شعبية تقليدية أو جديدة بدلاً من أن يكون دافعه الأساسي هو الإنصاف التنموي وهذا مااجيب عليه بكل وضوح.
ومن المرجح أن تشير المعارضة إلى أن المشاريع المعلن عنها أو المنجزة غير كافية لمعالجة عقود من التهميش التنموي الذي عانت منه الولاية (كما ورد في الخطاب الرئاسي نفسه ضمناً).
و قد تركز المعارضة على جودة تنفيذ المشاريع (المدارس، المستشفيات، الطرق)، مشيرة إلى ضعف في المتابعة أو تفشي للفساد في صفقات البنية التحتية وقد تلعب علي وتر الفوارق الاجتماعية وتجادل بأن الزيارة ، لم تعالج بشكل فعال الفوارق الاجتماعية والقبلية، وأن خطاب الوحدة الوطنية والمواطنة، رغم أهميته، لم يترجم إلى آليات عملية وشفافة لتوزيع الثروة والفرص.
كل هذه الاسئلة أجاب عليها فخامته والذي يرى في المعارضة رافعة للعمل الديمقراطي ويرحب بالنقد البناء من اجل المصلحة العليا للوطن فالمشاكل ليست نتاج أخطاء فردية أو نقص في الموارد، بل هي نتيجة عيوب متأصلة في القواعد والقوانين التي تحكم النظام (مثال: الهيكل الاقتصادي الذي يُكرّس التبعية للدول المتقدمة، كما في نظرية التبعية).
وعليه نحن جميعا من أجل الحاضر من أجل موريتانيا آمنة مطمئنة ونموذج للنهوض والتنمية وطموحنا موريتانيا الشرف والاخاء والعدل.
فإن لم نبنها معا ! فمن سيبنيها لنا؟
ذ/أحمد حبيب صو اطار بوزارة العدل.

