حياد القاضي ضمانة لاستقلال القضاء وتحقيق العدالة /القاضي محمد بكار

يُعد حياد القاضي من أبرز الضمانات الأساسية لاستقلال القضاء وتحقيق العدالة. فهذا المبدأ يفرض على القاضي أن يؤدي مهمته باستقلال وتجرد، بعيدًا عن أي ميول شخصية أو انحياز لطرف دون آخر.

فالعدالة لا تتحقق فقط بإصدار أحكام صحيحة من الناحية القانونية، بل أيضًا من خلال شعور المتقاضين بأن قاضيهم محايد ونزيه. فمتى ما فقد المتقاضي ثقته في حياد القاضي، اهتزت مكانة القضاء وانهارت دعائم العدالة.

وقد حرصت التشريعات الموريتانية، من خلال القوانين والنظم ذات الصلة، على تكريس هذا المبدأ، ومن أبرزها:

القانون رقم 91/22 المتعلق بتنظيم السلطة القضائية؛

القانون رقم 94/012 الصادر بتاريخ 07/02/1994؛

القانون رقم 2007/012 بشأن دعم استقلال القضاء؛

القانون رقم 2019/025 المتعلق بالمعايير المهنية للعمل القضائي؛

القانون رقم 2020/031 الصادر بتاريخ 08/12/2020، والمتعلق بتنظيم المهنة القضائية والإجراءات المرتبطة بها.

وقد أُدرجت في هذه النصوص أدوات قانونية تضمن الحياد، من بينها آليات الرد والتنحي، والتي تمنح للأطراف حق الاعتراض على القاضي إذا وُجدت أسباب مشروعة تمس حياده، كالقرابة أو المصلحة الشخصية أو وجود مواقف سابقة معلنة قد تؤثر على موضوعية الحكم.

ومن المهم أن يدرك القضاة أن الحياد لا يتعلق فقط بالواقع، بل أيضاً بمظهر العدالة، إذ يجب ألا يُعطي القاضي في سلوكه أو أقواله أو قراراته ما يوحي بعدم التجرد. فالقاضي لا يجوز له أن يفشي رأياً في دعوى لم تُعرض عليه بعد، ولا أن يُبدي مواقف مسبقة من أحد أطرافها، ولا أن يُحكم على الوقائع قبل اكتمال المسطرة القضائية.

إن أي مساس بمبدأ الحياد يُفقد المحاكمة شروطها العادلة، ويقوض الثقة في مؤسسة القضاء، ويفتح المجال للطعن في شرعية الأحكام الصادرة، ويُهدد أساس دولة القانون.

من هنا، فإن احترام هذا المبدأ والعمل على تكريسه ممارسةً وثقافةً، هو مسؤولية جماعية، تبدأ بالقضاة وتصل إلى كل مؤسسات الدولة والمجتمع.

القاضي: محمد بكار

ثلاثاء, 01/07/2025 - 21:09